الأسد عند خامنئي: غاب العلَم السوري وحضَر قوس قزح
ربما لا تحتاج تبيعة النظام السوري إلى حليفتيه طهران وموسكو، الكثير من الدلائل، لكن غياب العلم السوري عن اجتماعات رئيس النظام بشار الأسد خلال زيارته إلى طهران، الاثنين، أعاد التذكير بالجدل حول “السيادة” التي يتحدث عنها النظام باستمرار في خطابه الإعلامي والدبلوماسي.
وأثار غياب العلم السوري عن لقاء الأسد مع كل من نظيره الإيراني حسن روحاني، والمرشد الأعلى علي خامنئي، انزعاج العديد من الناشطين الموالين عبر مواقع التواصل الاجتماعي. فيما سخر الناشطون المعارضون من الموقف باعتباره أمراً بات روتينياً، ويثبت مجدداً عدم تقدير إيران للدولة السورية، وينتقص من قيمتها، مؤكدين أنه دليل جديد على تبعية النظام السوري لإيران وخضوعه لها.
وذكَّر ناشطون بحدث كان منتشراً قبل أيام عبر مواقع التواصل، وهو الصورة التي سربتها روسيا للأسد خلال كلمة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة حميميم العسكرية العام 2017، والتي يبدو فيها الأسد واقفاً مع الضباط بعيداً من بوتين، وأمامه خط أصفر مرسوم على الأرض يبدو أنه لا يمكنه تجاوزه.
وحاولت صفحات موالية للنظام، تبرير المشهد، بالقول أن ما حصل مع الأسد اعتيادي في إيران، وأن جميع صور لقاءات خامنئي مع الرؤساء الأجانب تظهر غياب أعلام بلادهم ووجود العلم الإيراني فقط، على غرار ما حصل خلال زيارة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان لإيران. ورغم أن ذلك صحيح إلا أنه يجتزئ الوقائع، لأن لقاءات روحاني التي تجمعه بالرؤساء الأجانب دائماً ما تحوي أعلام إيران مع أعلام بلدان الرؤساء، وهو ما لم يظهر في لقاء روحاني بالأسد.
وكانت زيارة الأسد لإيران مفاجئة، وهي تقريباً الزيارة الخارجية الوحيدة له باستثناء رحلات الأسد إلى روسيا، كما أنها تسببت باستقالة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي احتج لعدم التنسيق معه مسبقاً بشأنها، وهو الخبر الذي غاب عن الإعلام الرسمي في سوريا بشكل كامل.
وكانت وكالة أنباء “فارس” الإيرانية نقلت عن مصدر في وزارة الخارجية الإيرانية قوله أن زيارة الأسد هي السبب وراء استقالة جواد ظريف. لكن تغطيات الصحف السورية للزيارة تجاهلت الموضوع، ولا يعود ذلك لظروف النشر والطباعة مثلاً، لأن الخبر نفسه موجود بشكل مقتضب في صحيفة “الوطن” شبه الرسمية.
وتناولت صحيفة “تشرين” الحكومية، زيارة الأسد إلى طهران، ضمن تقرير نشر في الصفحة الأولى، بعنوان “لقاء الإخوة في طهران”، ركز فقط على تصريحات للأسد وخامنئي وروحاني. وشابهتها في ذلك صحيفة “الثورة” الرسمية التي لم تتطرق إلى استقالة جواد ظريف أيضاً، وركزت على أن “علاقات الأخوة الراسخة بين الشعبين ساهمت في صمود البلدين بوجه الأعداء” علماً أن التغطيات كلها مأخوذة من وكالة الأنباء الرسمية “سانا” التي تجاهلت خبر استقالة ظريف.
وتوقفت صحيفة “الثورة” في مقال منفصل، عند صورة العناق الذي جمع الأسد وخامنئي، وقالت أنه “عناق ربع الساعة الأخير من زمن الصعود إلى القمم… في فلسطين” واصفة اللقاء بالحميم والمطول. وأفردت مساحة نادرة لشكر الميليشيات الشيعية التي شاركت في القتال إلى جانب النظام، مع ذكرها بالاسم (حزب الله، عصائب الحشد الشعبي، أنصار الله، الفاطميون، الزينبيون…) وهو أمر لا يقوم به الإعلام الرسمي الذي يتحدث عن الحلفاء بشكل عام من دون تسميتهم ويركز على فكرة الولاء لـ”الجيش السوري”.
إلى ذلك، استخدمت صفحات معارضة صورة العناق بين الأسد وخامنئي، بشكل غير مسؤول، مع تلوينها بألوان علم قوس قزح الخاص بالمثلية الجنسية، مع إرفاقها بهاشتاغ #ابتسامتي_أقوى_من_كراهيتكم وهي الحملة التي أطلقها مثليون سوريون، الأسبوع الماضي، لتحدي خطاب الكراهية ضدهم في المجتمع السوري. وهي طريقة مستفزة في التعبير عن الكراهية السياسية للأسد، وتعبّر عن مستوى جديد من الهوموفوبيا التي لم تنجح الثورة السورية في تغييرها بعد.
المدن