تريّث عربي في الترحيب بحكومة الحريري تحسباً لسيطرة “حزب الله
لم تصدر حتى الساعة طلائع الموقف العربي من تشكيل حكومة الحريري، وهذا ما دفع جهات لبنانية مشاركة في الحكومة إلى ربط التريّث العربي حتى إشعار آخر، بحرص معظم الدول العربية على أن تتلمّس بالفعل أن “حزب الله” لا يسيطر على الحكومة، وأن لدى رئيسها رغبة في تحقيق التوازن لقطع الطريق على ”محور الممانعة” وادعاءاته بأنه يضع يده على القرارات الاستراتيجية في الحكومة.
فالحريري يصر منذ اللحظة الأولى لولادة الحكومة – بحسب مصادر على الدخول في “ربط نزاع” مع ”حزب الله” لتأمين الحد الأدنى من الاستقرار في لبنان، وبالتالي فإن النقاط الخلافية بدءاً بموضوع سلاح الحزب سيحال على البند الخاص بالاستراتيجية الدفاعية الذي تتولى الحكومة النظر فيه، مروراً بملف النازحين السوريين في لبنان الذي يصر الحريري على تسليم أمره إلى المبادرة الروسية، وهذا ما سيلحظه البيان الوزاري للحكومة العتيدة من دون اعتراضه على العودة الطوعية التي يرعاها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وانتهاءً بتطبيع العلاقات اللبنانية – السورية التي يُفترض من وجهة نظر الحريري أن تبقى في إطارها الدبلوماسي كما هو قائم الآن، وإن كان بعض الوزراء ممن ينتمون إلى “محور الممانعة” أو إلى “التيار الوطني الحر” سيقومون بزيارات ذات صفة شخصية.
لكن التريُّث العربي والدولي في الترحيب بحكومة الحريري لا يصرف الأنظار عن تحرّك بدأه عدد من السفراء العرب والأجانب المعتمدين لدى لبنان، وتحديداً الفرنسي برونو فوشيه، والأميركية إليزابيت ريتشارد؛ رغبة من هؤلاء في تقصّي الأسباب الكامنة وراء تدهور العلاقة بين الحريري وحليفه بالأمس رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط.
ويبقى السؤال، هل يتصاعد الصدام السياسي بين الحريري وجنبلاط، وأي أفق سياسي سيبلغه؟ أم أن التهدئة في حاجة إلى جهود لتحقيق وقف إطلاق النار بين حليفي الأمس، مع أن هناك صعوبة في إعادة الُّلحمة بينهما إلى ما كانت عليه في السابق.
وإلى حين نجاح الحكومة في ملاقاة مؤتمر “سيدر” في منتصف الطريق للبدء في توفير الحلول لمعظم هذه المشكلات، فإنها تقف أمام إعادة خلط الأوراق، بمعنى أن وزراء فيها سيتعاملون مع ما يُدرج على جدول أعمال جلساتها الوزارية على أساس “القطعة”، أي لن تكون هناك تحالفات دائمة، باعتبار أن ملف الكهرباء قد يشكّل كما في السابق مادة مشتعلة يمكن أن تؤدي إلى “كهربة” الأجواء.
ناهيك عن أن وزراء قد يجدون أنفسهم في جبهة سياسية واحدة للوقوف بالمرصاد لرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل قدر شعورهم بأنه سيحاول الإفادة من وجوده في الحكومة لجهة تعزيز حظوظه الرئاسية، مع أن هؤلاء يعتقدون أن من سيبادر إلى فتح الملف الرئاسي سيحرق أصابعه، خصوصاً أن تسلّحه في الحصول على ”الثلث الضامن” لن يُصرف في الحكومة؛ لأن من يحتسب الوزيرين حسن مراد وصالح الغريب على أنهما في كتلته النيابية سيكتشف أن احتسابه ليس في محله، ولا سيما إذا اصطدمت خيارات باسيل بخيارات “حزب الله