هل يحرج سجال بيت الوسط – الضاحية “التيار”؟
كثيرة كانت الأسباب التي دفعت الرئيس سعد الحريري إلى ابرام تسوية مع العماد ميشال عون، ليس أقلها وضع حد للفراغ الرئاسي وتأمين الاستقرار السياسي والأمني في لبنان، العالق في اقليم ملتهب تكتب التسويات فيه ببرودة في الغرف المغلقة. ولا يخفى على أحد أن الحريري دفع ثمن هذا الخيار في صناديق الاقتراع النيابية، ما أدى إلى انخفاض عدد أعضاء الكتلة الزرقاء في المجلس الجديد، وإن كانت الموضوعية تقتضي الاعتراف له بأنه ارتضى قانونا انتخابيا نسبيا ضغط حزب الله طويلا في اتجاه إقراره، على رغم علمه بأنه سيدفع الثمن الانتخابي في استحقاق أيار. خيارات ركن إليها زعيم التيار الأزرق مكرها من باب صون الاستقرار السياسي في البلاد، وذلك تبعا لسياسة ربط النزاع مع حزب الله. وليس أدل إلى ذلك إلا الحوار الذي أقيم في عين التينة بين تيار المستقبل وحزب الله. لكن، على طريقة “ما تهزني واقف عا الشوار”، ترنحت هذه الصفحة الجديدة من العلاقات على خط بيت الوسط- الضاحية وضبطت تحت سقف الحكومة السابقة، وتمسك الجميع بالتسوية الرئاسية التي أعطت إشارة انطلاق عهد الرئيس عون. غير أن هذا الهدوء النسبي تلقى ضربة قاسية من حزب الله الذي رفع شعار “مكافحة الفساد”، فسدد-بلسان النائب حسن فضل الله- سهما قويا في اتجاه أحد أهم صقور “تيار المستقبل”، الرئيس فؤاد السنيورة على خلفية قضية الـ 11 مليار دولار التي سبق أن عطلت قطار إقرار الموازنات في المراحل السابقة، ما أشعل حربا من الردود النارية بين الطرفين في انتظار المؤتمر الصحافي الذي يعقده السنيورة الجمعة لوضع النقاط على الحروف. هذا المشهد العابق بالسلبية يجعل الأنظار تتجه أولا إلى التيار الوطني الحر، الحليف المشترك لطرفي السجال الناري، خصوصا في ضوء ما يثيره هذا الكباش من مخاوف مشروعة إزاء قدرة التسوية على الصمود في وجه العواصف السياسية التي قد يتسبب بها الاصرار على مكافحة الفساد. إلا أن مصادر في “تكتل لبنان القوي” تفضل عبر “المركزية” الركون إلى التفاؤل المعهود، مؤكدة أن الكلام الذي امتلأت به الشاشات في اليومين الأخيرين لا يستهدف أحداً، أو يوجه الرسائل السياسية إلى أي كان، بل إلى وضع حد لمسلسل الفساد المستشري في الادارات العامة. وفي السياق، لا يغيب عن بال المصادر التذكير بأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، كما الحكومة وكل مكوناتها، حددوا الأولويات للمرحلة المقبلة، وهي النهوض الاقتصادي (من بوابة تحقيق الاصلاحات التي ينادي بها المجتمع الدولي في إطار مسار “سيدر”)، وحل معضلة عودة اللاجئين السوريين. وتؤكد المصادر أن تبعا لهذه المقاربة، فإن كل ما هو مطروح اليوم هو تحديد المسؤوليات عما جرى في المرحلة السابقة بناء على أرقام واضحة لا تقبل تأويلات أو جدالاً”، داعية تيار المستقبل إلى التهدئة والتعامل ببراغماتية مع هذا الملف الشائك، خصوصا أن الركون إلى الأرقام من شأنه أن يقطع الطريق على أي سجالات قد تأتي في غير مكانها”. وتختم المصادر مشددة على أن التيار الوطني الحر لا يجد نفسه في موقع حرج بين حليفيه المشتبكين حديثاـ مشددة على أن لا يجوز أن يترك هذا النوع من السجالات آثاره السلبية على التسوية السياسية التي تحكم البلاد منذ أكثر من عامين.