موقف باسيل بين “القوطبة” و”القجّة”.. والإحراج للإخراج!
إستغربت مصادر وزارية محسوبة على فريق 14 آذار موقف وزير الخارجية
جبران باسيل فور صدورالقرار البريطاني حول تصنيف “حزب الله” بأنه “إرهابي”،
خصوصًا أنه أختصر بكلامه الحكومة ومجلس النواب ومؤسسات الدولة وكل الشعب
اللبناني، حين قال: “لو وقف العالم بأجمعه وقال إن المقاومة هي إرهاب لن
يكون كذلك بالنسبة إلى اللبنانيين. طالما أن الارض محتلة تبقى المقاومة
محتضنة من الحكومة والمجلس النيابي ومؤسسات الدولة ومن كل الشعب اللبناني”.
وتمنّت هذه المصادرعلى الوزير باسيل لو أنه أجل إعلان موقفه إلى ما بعد طرح
الموضوع على طاولة مجلس الوزراء، بإعتبار أن ثمة فئة من اللبنانيين، ومن
بينهم “القوات اللبنانية”، التي تحفّظ وزراؤها على الصيغة التي وردت فيها
الفقرة المتعلقة بالمقاومة، وفيها:”أما في الصراع مع العدو الإسرائيلي
فإننا لن نألو جهدا ولن نوفر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أراض لبنانية
محتلة وحماية وطننا من عدو لما يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية
وذلك استناداً الى مسؤولية الدولة ودورها في المحافظة على سيادة لبنان
واستقلاله ووحدته وسلامة أبنائه، تؤكد الحكومة على واجب الدولة وسعيها
لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى
الوسائل المشروعة. مع التأكيد على الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة
للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة.”
وفي رأي هذه المصادر أن مواقف باسيل توحي دائمًا، من خلال “القوطبة” على
مجلس الوزراء، بأنه “سيد قراره”، وهذا ما فعله من قبله وزير الدفاع الوطني
الياس ابو صعب.
وتعتقد المصادر إياها أن باسيل أراد من خلال موقفه هذا إصابة عصفورين بحجر
واحد، الأول “تسليف” محور المقاومة المتمثل بـ”حزب الله” موقفًا متقدمًا
لكي يضعه الحزب في “قجة” المواقف المؤيدة له لكي تُصرف في أوقاتها، وهي
بمثابة “القرش الأبيض لليوم الأسود”.
أما العصفور الثاني، الذي إستهدفه باسيل فهو الإستمرار في إحراج “القوات”
من أجل إخراجها، وهو الذي يعرف أن كلامه عن المقاومة لن يمرّ مرور الكرام
بالنسبة إلى معراب، وسيكون لوزراء “القوات” موقف مماثل لموقفها من مسألة
محاولة البعض تطبيع العلاقة مع سوريا، على رغم معرفتهم المسبقة بأن موقفهم
سيثير موجة مشابهة للموجة، التي تعرّضوا لها في الجلسة الأولى لمجلس
الوزراء، عندما ضرب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يده على الطاولة،
معلنًا بذلك إنتهاء الجلسة.
إلاّ أن مصادر أخرى في المقلب السياسي المعاكس تنظر إلى موقف باسيل نظرة
مختلفة، وهي ترى أنه الوزير المعني بهذه القضية، بصفته وزيرًا للخارجية،
وأن ما يعلنه غير خاضع لرقابة مسبقة لمجلس الوزراء، من دون أن يعني ذلك
تجاوزًا لصلاحيات المجلس.
وتؤكد هذه المصادر أن موقف باسيل من موضوع المقاومة لا يتعارض مع موقف
لبنان الرسمي، الذي أُدرج في البيان الوزاري، على رغم تحفّظ وزراء
“القوات”، إلاّ أنه في النهاية هو الموقف الرسمي الوحيد الذي يترجم سياسة
الدولة من صراعها مع العدو الإسرائيلي.
وبذلك يكون الوزير باسيل قد اتخذ الموقف الصائب، الذي تمليه عليه مسؤوليته
الوطنية والوزارية، مع حرصه على إعلان ما تبلغه من رئيسة الوزراء
البريطانية تريزا ماي ومن وزيرالخارجية ووزير الدولة للشؤون الخارجية حرصهم
على ألا يكون لهذا القرار أي تأثير مباشر على العلاقات الثنائية بين لبنان
وبريطانيا.