الراعي: لإعادة المال المسلوب إلى خزينة الدولة
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، القداس الاحتفالي الذي دعا اليه راعي ابرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله، لمناسبة اختتام المسيرة المجمعية في أبرشية البترونية في عيد شفيع الابرشية البطريرك الاول للموارنة القديس يوحنا مارون.
أقيم القداس في كاتدرائية مار اسطفان في البترون وعاون الراعي في الذبيحة الالهية خيرالله، راعي ابرشية مصر والسودان للموارنة المطران جورج شيحان، النائب العام في الابرشية المونسنيور بطرس خليل والكهنة بيار صعب وايلي سعادة وريمون باسيل، بمشاركة السفير البابوي المطران جوزيف سبيتيري، راعي ابرشية سان اتيان الفرنسية المطران سيلفان باتاي والمطارنة بولس اميل سعادة ويوسف سويف وجورج بو جوده وادوار ضاهر ورؤساء عامين ورؤساء اديار وكهنة ابرشية البترون، وخدمت القداس جوقة فيلو كاليا بادارة الاخت مارانا سعد.
حضر القداس وزير الخارجية والمغتربين النائب جبران باسيل، النائب فادي سعد، النائبان السابقان بطرس حرب وسامر سعادة، قائمقام البترون روجيه طوبيا، رئيس اتحاد بلديات منطقة البترون مرسيلينو الحرك، رئيس رابطة مخاتير منطقة البترون جاك نوفل، الرئيسة العامة لجمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات الام مار انطوانيت سعادة، المدير العام للنفط اورور الفغالي منعم، مديرة “الوكالة الوطنية للاعلام” لور سليمان صعب، المدير العام لمؤسسة ليبنور لانا درغام، قضاة ورؤساء بلديات ومخاتير، راهبات، رؤساء جمعيات، هيئات، حركات رسولية وحشد من أبناء رعايا الابرشية بالاضافة الى رؤساء ومنسقي لجان المجمع والاعضاء.
في بداية القداس ألقى المطران خيرالله كلمة قال فيها: “في 2 آذار، ترأستم القداس الاحتفالي لمناسبة عيد مار يوحنا مارون واطلقنا معا الدعوة الى عقد مجمع ابرشي تمنيتم ان يكون ربيع الابرشية يهدف الى تطبيق المجمع البطريركي الماروني الذي صاغه آباء كنيستنا المارونية لتجددها روحيا وانسانيا ومؤسساتيا، وهو مشروع بطريركيتكم، يا صاحب الغبطة، اعلنتموها يوم انتخابكم خلفا لمار يوحنا مارون. واليوم، وبعد ست سنوات من مسيرة مجمعية مشيناها، وصلينا فيها معا وفكرنا معا، نحن ابناء الابرشية، اكليروسا وعلمانيين، ها انتم تترأسون قداس ختام المجمع وترفعون معنا الشكر لله الذي قاد خطانا في مسيرة كنسية تجعلنا نتجدد ونتقدس بالمسيح على خطى مار مارون ومار يوحنا مارون وجميع قديسينا وتتمنون علينا ان نتابع المسيرة لتطبيق ما اوصينا به ونقطف الثمار الروحية والكنسية والراعوية للربيع الابرشي وتهنئوننا على هذا الانجاز المجمعي بفضل جهود جميع الذين بذلوا بسخاء وبفرح العطاء، وعلى الثمار التي بدأ يعطيها وسيعطيها وافرة بنعمة الله، كما تقولون في رسالتكم التي وجهتموها الينا والتي حددنا بها كتاب المجمع الابرشي الذي ستوزعونه في ختام القداس على ممثلي الجمعيات والحركات الكنسية والهيئات السياسية والمدنية”.
وختم: “لن نخيب آمالكم، يا صاحب الغبطة، ونحن نشكركم على تشجيعكم ومرافقتكم المستمرة لنا ونحن فخورون بأن نسلم امانة تطبيق توصيات المجمع الى شبابنا، بنوع خاص، اكليروسا وعلمانيين، لأنهم مستقبل كنيستنا المحلية البترونية ورجاؤها للسنوات المقبلة”.
وبعد تلاوة الانجيل المقدس ألقى البطريرك الراعي عظة بعنوان “كان عرس في قانا الجليل” وقال فيها: “كان عرس في قانا الجليل، واليوم في أبرشية البترون العزيزة عرس مزدوج: الإحتفال بعيد شفيعها أبينا القديس يوحنا مارون البطريرك الأول، والاحتفال باختتام المجمع الأبرشي بعد ست سنوات من المسيرة المجمعية التي انطلقت في 2 آذار 2013 بقداس إلهي احتفلنا به معكم في دير مار يوحنا مارون كفرحي، المقر البطريركي الأول، وكرسي الأبرشية اليوم. ويتخذ هذا العرس المزدوج معناه وفرحه من عرس الفداء الذي حول فيه الرب يسوع الخمر إلى دمه والخبز إلى جسده لتكوين الكنيسة وحياة المؤمنين والعالم. فكانت آية تحويل الماء إلى خمر فائق الجودة، في عرس قانا الجليل، إستباقا لما سيجري في عرس الفداء. وهو عرس نعيشه كل يوم في سر الإفخارستيا، متحققا هو إياه “الآن وهنا” بشكل سري غير دموي، وسيكتمل في “وليمة عرس الحمل” في الملكوت”.
وأضاف: “يسعدني أن أكون معكم في قداس الشكر والانطلاق إلى جانب سيادة راعي الأبرشية، أخينا المطران منير خيرالله السامي الاحترام الذي قاد المسيرة المجمعية بموآزرتكم، أيها الكهنة والرهبان والراهبات والمؤمنون والمؤمنات، من خلال لجان الخبراء التي توزعت نصوص المجمع البطريركي الماروني. وقد اعتمدتم الآلية المرسومة وفقا لأهداف المجمع الأربعة: تقبل نصوص المجمع البطريركي والتعمق فيها، العمل بتوصياته وملاءمتها مع خصوصية الابرشية، التشديد على الرمزية في بلاد البترون، وأخيرا تحقيق التجدد المطلوب على مستوى الأشخاص والمؤسسات. وها أنتم تنجزون هذه المرحلة الأساسية بمعونة النعمة الإلهية وشفاعة سيدتنا مريم العذراء، أم الكنيسة، وشفعاء الأبرشية الطافحة بأريج قداستهم، والغنية بتراثهم الروحي، والمقدسة بذخائرهم”.
وتابع: “واليوم مع عيد أبينا القديس يوحنا مارون، تنطلق الأبرشية من جديد نحو مرحلة التطبيق، كما يدعوها سيادة راعيها في رسالته الافتتاحية للكتاب الذي ينشر نصوص المجمع الأبرشي والتوصيات، والذي سيوزع عليكم. ويقود هذه الانطلاقة الجديدة شعار المجمع الأبرشي: “على خطى مار يوحنا مارون، نتجدد ونتقدس بالمسيح.
أجل، غاية المجمع الأبرشي التجدد في الإيمان والنهج والهيكليات، من أجل شهادة أفضل للمسيح، ورسالة أنجح في خط رسالة الكنيسة. صعوبات كثيرة ومتنوعة تحدق بنا، وتزعزع الإيمان لدى الكثيرين، وتحط من القيم الروحية والأخلاقية والانسانية”.
وقال: “بالأمانة للعقيدة المسيحية التي ميزت القديس يوحنا مارون، البطريرك الراعي الصالح، وبغيرته الرسولية على أبناء كنيسته المارونية، نحن مدعوون لنسلك مسلكه الروحي، ونعمل مثله على إنارة العقول بتعليم كنيسة المسيح السامي، ونثبت أبناء كنيستنا في الإيمان القويم بوجه تعاليم وتيارات مضللة وبدع، وآراء وثقافة شخصية خالية من أي أساس إنجيلي وعقائدي. في قلب هذه الفوضى التي تقوض أسس القيم الروحية والأخلاقية، نحن مدعوون أيضا لنطبع شعبنا بحب عميق للعقيدة المسيحية والتعليم الصحيح، فليكن هذا الخط الذي رسمه القديس يوحنا مارون خطنا الدائم”.
وتابع: “أبناء كنيستنا المارونية اليوم بحاجة ماسة إلى تثقيف إيمانهم، لأننا نشهد جهلا كبيرا للعقائد المسيحية ولأسرار الكنيسة السبعة التي تقدس النفوس وتدخلها في اتحاد دائم مع الله، وفي مقدمتها قيمة القداس الإلهي أيام الآحاد والأعياد، وسر التوبة بالاعتراف للكاهن حامل السلطان الالهي لمغفرة الخطايا، وسر الزواج الذي أسسه الله وحصنه بشرائعه، ورفعه الرب يسوع الى رتبة سر يمنح نعمة تقدس الحب الزوجي وحياة الزوجين والعائلة، وتجعلها على صورة الثالوث القدوس واتحاد المسيح بالكنيسة. عندما نسمع في هذه الأيام كيف يتكلم مسيحيون عن الزواج المدني والزواج الديني، ندرك مدى الجهل والحاجة إلى ثقافة لاهوتية عند شعبنا”.
وأردف: “وفي زمن كثرت فيه حاجات شعبنا الذي يفتقر يوما بعد يوم، ويحرم من أبسط سبل العيش الكريم بما فيها المأكل والغذاء السليم والماء والكهرباء والصحة، والعمل والسكن وتأسيس عائلة والتعليم والتربية وتحفيز القدرات، يدعونا القديس يوحنا مارون لافتقاد شعبنا في محنه، والوقوف الى جانبه والتضامن معه، ومساعدته كي يعيش بسلام داخلي وطمأنينة، وينعم بسعادة القلب.
لكننا في الوقت عينه نطالب السلطة السياسية عندنا الكف عن إفقار الشعب وزجه في حالة العوز والحرمان والبطالة والقهر. كيف تستطيع الحكومة الجديدة القيام بما وعدت به في بيانها الوزاري من إجراء إصلاحات جريئة من أجل النهوض الاقتصادي والمالي، فيما هي تحمل الخزينة أثقالا مالية جديدة باهظة من دون موازنة منجزة، ومن دون عرض شامل لوضعية الدين العام، وتصور وزارة المالية لإدارته وضبطه، ومن دون إقفال حساب العام الماضي لجهة مجمل الانفاق والمستحقات الراهنة، والايرادات المحققة، ومن دون ضبط الفساد وإعادة المال المسلوب إلى خزينة الدولة.
وكيف تستطيع السلطة السياسية السكوت عن عدم تنفيذ أحكام مجلس شورى الدولة، لأن هذا أو ذاك من النافذين يمنع او يتمنع عن التنفيذ، إما تسلطا، وإما تهديدا، وإما بقوة السلاح. فأين هيبة الدولة، وأين مسؤوليتها عن مصالح المواطنين وحقوقهم؟ أهكذا تكون الدولة القادرة والقوية؟ وكيف يكون العدل أساس الملك فيها؟”.
وتابع: “إن صدى صوت أبينا القديس يوحنا مارون ما زال يتردد في أذهاننا ويشددنا: “أحبائي أبناء الجبل اللبناني الذي اختاره الله ليسكن فيه، إني أشجعكم وأثبت صدق إيمانكم في هذه الأزمة الصعبة التي فيها أنتم متضايقون بسبب التجارب المتنوعة المتأتية عليكم من اعداء الإيمان المستقيم.
إننا، في لبنان وهذا المشرق، أصحاب رسالة إنجيلية، هي رسالة المحبة والعيش معا في مجتمع تعددي، بالاحترام والتكامل مع الآخر المختلف، لكي نبني معا مجتمعا قائما على التنوع ويسوده التضامن والتعاون والاغتناء المتبادل. وهي رسالة حملها أبناء كنيستنا شهادة ناصعة بلغت ببعضهم حتى شهادة الدم، على مثال القديس اسطفانوس، أول الشهداء، وشفيع هذه الكاتدرائية.
وإنا لنجد كل هذه التوجيهات في نصوص مجمعكم الأبرشي وتوصياته. وإذ ترتكز على خصوصية بلاد البترون، فإنها تشكل مدرسة كنسية لأبناء الأبرشية وبناتها، توفر لهم الثقافة الوافرة من خلال النصوص الخمسة عشر، بما فيها من تعليم وتوصيات وآليات تطبيقية. من هذه المدرسة تنطلق الأجيال المتتالية لتنشر هذه الثقافة في أرجاء لبنان والمشرق وبلدان الانتشار”.
وختم عظته: “فيما نختتم الست سنوات التي قادت مسيرة المجمع الأبرشي، فإننا في الوقت عينه نفتتح إنطلاقة التطبيق التي لا تنتهي. هذا ما كتبه سيادة راعي الأبرشية في ختام رسالته المذكورة: “إني أسلم أمانة تطبيق توصيات المجمع إلى الشباب بنوع خاص، إكليروسا وعلمانيين، لأنهم مستقبل كنيستنا المحلية البترونية ورجاؤها للسنوات المقبلة.
نسأل الله بشفاعة أبوينا القديسين مارون ومار يوحنا مارون، أن يقود مسيرة التطبيق بنعمته، لمجده تعالى وخير الكنيسة وازدهار الأبرشية، فنرفع نشيد المجد والتسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.
وفي ختام القداس ألقى سبتيري كلمة هنأ فيها ابرشية البترون المارونية وعلى رأسها المطران منير خيرالله بالمسيرة المجمعية ونقل بركة قداسة البابا لابرشية البترون. وحيا سبيتيري الابرشية وكل العاملين في المجمع، مثمنا الاعمال التي تحققت، ومتمنيا ان تتحقق التوصيات بنعمة ربنا. وقال: “نصلي مع قداسة البابا لكي تبقى ابرشية البترون ابرشية القداسة والقديسين”.
أما المطران باتاي فقال: “أشعر أنني معني بشكل مباشر بما يحدث في كنيستكم بما أن هنالك توأمة قائمة منذ عام 1997 بين السينودسيين. عندما أكون هنا أشعر وكأنني في منزلي”.
“وتابع: “منذ أكثر من 20 عاما، تضاعف الحج وتضاعفت معه الاجتماعات والتبادلات مما سمح لنا للمضي قدما في مشروع ميثاق التوأمة”.
وشكر “المطران منير على العمل من أجل إنجاح هذا السينودس الأبرشي الخاص به، وهو تطبيق للسينودس البطريركي الذي كان أيضا من مؤسسيه في مجلس الفاتيكان الثاني”.
وبعد القداس قدم المطران خيرالله لوحة زيتية تحمل شعار المجمع الابرشي من رسم الاب جان جبور كما قدم هديتين تذكاريتين للمطرانين سبتيري وباتاي وبدوره الاخير قدم للمطران خيرالله صليبا من القرن الثامن عشر عربون وفاء وتقدير من أبرشية سان اتيان.
بعد ذلك قدم البطريرك الراعي والمطران خيرالله كتاب المجمع الابرشي للنواب الحاليين والسابقين ولممثلي الجمعيات والحركات الكنسية.
ثم انتقل الجميع الى ثانوية القلبين الاقدسين وكانت زيارة لمعرض اعمال المجمع الذي نظمته لجان المجمع الابرشي.