محاربة الفساد: حين “يعهّر” السياسيّون!
لا ينتهي الكلام عن محاربة الفساد في هذه الأيّام. في هذه السطور، كلامٌ واضح ومباشر وصريح. ومن له أذنان، فليسمع.
جيّدٌ ما تقوم به شعبة المعلومات، ومعها
“بعض” القضاء الذي نخشى عليه من القدر، وقد أدّى حتى الآن الى توقيفات
وتحقيقات قد تتسبّب بتوقيف العشرات. إذا استمرّت الحملة على هذا المنوال،
وكانت جديّة، قد نجد الآلاف في السجون. إلا أنّ من يحمل لواء محاربة الفساد
من السياسيّين يجب أن يكونوا، قبل غيرهم، في موقع المساءلة والاتّهام.
وهنا، لا بدّ من بعض الأسئلة التي، إن شئنا، لأضفنا إليها الكثير بعد:
أليس لكلّ زعيمٍ، تقريباً، متعهّد يسعى دوماً الى تأمين التلزيمات له، من دون مناقصة أو مع مناقصة صوريّة؟ أليست قلّة قليلة من المتعهّدين، المعروفي الانتماء، تحتكر غالبيّة المشاريع؟ كما أنّ بعض المتعهّدين يتخصّص في كلّ شيء، بطاقات وجوازات سفر وحبر ولوحات سيّارات وألياف ضوئيّة، ولا يشبع.
ألا يجب على من يريد محاربة الفساد، أن
يستهلّه من التهرّب الضريبي الذي يبلغ أرقاماً قياسيّة في لبنان، وبعضه
معروف بالأسماء والمناطق والانتماءات، ويبدأ من فاتورة الكهرباء لينتهي عند
كبريات الشركات المحسوبة على محاربي الفساد؟
وماذا عن المرفأ الذي يُستخدم للتهريب،
بحمايةٍ شرعيّة؟ “حاميها حراميها” هناك، والهدر سنويّاً لا يُحصى. إذا
أردتم محاربة الفساد، إشرعوا في ذلك من المرفأ.
وهل نقضي على الفساد عبر بعض الصحافيّين الفاسدين المبتزِّين، وللكلام دلائل كثيرة، وبعض المستشارين الذين يطبّقون مقولة “كلب الشيخ شيخ”، فيتدخّلون في القضاء وفي المؤسّسات الأمنيّة وفي الإدارات، ويهاجم بعضهم البلديّات، لا إصلاحاً بل ضغطاً؟ أم عبر محامٍ بهلوانيّ يكرّس نفسه حامي الحِمم، فيهاجم الكازينو مرّة و”الميدل إيست” مرّات، سعياً لبلوغ منصبٍ في أحدهما؟
أليس فساداً أنّ بعض من في السلطة يؤسّس الشركات ويشتري حصصاً في أخرى، ويتعاقد مع مؤسّسات رسميّة وخاصّة ويكسب ملايين الدولارات، ويوظّف في إدارات الدولة المثقلة والمهترئة ليربح أصواتاً إنتخابيّة؟
إن أردتم، أيّها الزعماء، أن تحاربوا الفساد ابدأوا بأنفسكم. إبدأوا بالشركات المعروفة بالإسم، التي تخالف البيئة وتنهش الجبال، وقد احتفلنا منذ يومين بيوم المحميّات، وما أكثر المجرمين بحقّ البيئة في السلطة اليوم، ولا ننسى الإخوة فتوش ورعاتهم في السلطة وفي القضاء، من مدّعي الفساد أيضاً. ولهم في المخالفات “أشقّاء”. ربّ فاسدٍ لم تلده أمّك!
تريدون محاربة الفساد؟ إنّه العهر بعينه. أنظروا بالمرآة يا سادة. أنظروا بالمرآة…
داني حداد/ MTV