هذا ما سيحصل إذا تقرّر خفضُ الرواتب
إيفا ابي حيدر – الجمهورية
في خضم التحرّكات الاحتجاجية التي يشهدها الشارع اعتراضاً على احتمال خفض رواتب موظفي القطاع العام، هناك سؤال مطروح في الأوساط الاقتصادية: ما سيكون تأثير هكذا قرار؟ وهل يؤدّي المرتجى بتخفيف العجز في المالية العامة، أم يساهم في ركود إضافي في الأسواق ينعكس على مجمل الدورة الاقتصادية في البلد؟
يتخوّف موظفو القطاع العام من أن يأتي خفض عجز الموازنة على حسابهم من خلال اقتطاع نسبة من أجورهم التي زادت مع إقرار سلسلة الرتب والرواتب.
وتجنّباً لأيِّ توجّه في هذا الإطار، بدأ الموظفون التحركات على الارض والاعتصام. لكنّ السؤال هل إنّ خفض رواتب هؤلاء وحده يكفي ليصحّح الخلل في المالية العامة؟ وما تداعيات هكذا قرار على الوضع الاقتصادي العام؟
يؤكد الخبير الاقتصادي مازن سويد أنّ للتوجّه نحو خفض رواتب القطاع العام سلبيات عدة تتمثل خصوصاً باستعادة حقوق مكتسبة من الموظفين، وكان الأجدى عدم إعطاء السلسلة على إعطائها والتراجع عنها لأنه خلال هذه الفترة لجأ العديد من الموظفين الى الاستدانة على أساس رواتب معيّنة وقاموا بمخططات طويلة الأمد مرتكزة على رواتبهم الجديدة، لذا فإنّ الاقتطاع من الرواتب سيشكل اليوم صدمة سلبية على المداخيل ولاشك ستكون له تداعيات على الاقتصاد.
أما من حيث الإيجابيات المتوقعة فقال لـ«الجمهورية»: نأمل من خلال هذا القرار تفادي كارثة إقتصادية نحن مقبلون عليها، وتتمثل بإفلاس الدولة التي لن تكون بعدها قادرةً على القيام بواجباتها تجاه شعبها.
وأكد سويد أنّ اللجوء الى اقتطاع جزء من رواتب موظفي القطاع العام خطوة ضرورية انما غير كافية وحدها، بل يجب إرفاقها بمجموعة خطوات أو إصلاحات، ويتردّد انه الى جانب هذه الخطوة هناك توجّهٌ للمصارف بالاكتتاب بفوائد صفر بالمئة، ومع بعض الوفر المحقق من إصلاح الكهرباء والمقدر بحوالى الملياري دولار سيتراجع العجز من 8 الى 6 مليارات دولار، لتشكل نسبة العجز حوالى 9 في المئة من الناتج المحلي وهذا هو المطلوب.
واعتبر أنّ أكثر دولة استفادت من زيادة رواتب القطاع العام في لبنان هي تركيا وشرم الشيخ لأنّ الموظفين استعملوا هذه الزيادة للسفر اليها وشراء حاجاتهم منها وبالتالي زاد الاستيراد.
ورداً على سؤال، أكد سويد أنّ النهج الخاطئ الذي اعتمدته الحكومات المتعاقبة في السنوات الماضية هو الذي ادّى الى الواقع الذي وصلنا اليه اليوم، فلم تلجأ الحكومات السابقة يوماً الى تحديد اولوياتها الاقتصادية وها نحن ندفع الثمن اليوم.
بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي لويس حبيقة أن لخفض رواتب القطاع العام تأثيراً سلبيّاً جداً على الاقتصاد، لأنه بلجوء الدولة الى مثل هذا الخيار، تكسر عقداً مع المواطن وهذه سابقة يخشى أن تتكرّر في المستقبل، أضف الى ذلك أنه بعد نيل الموظفين زيادة على الرواتب، ارتبط قسم كبير منهم بقروض وزاد التزاماته المالية فماذا يفعل اليوم مع خفض الرواتب؟ وبالتالي هم باتوا عرضةً للإفلاس؟
ولفت حبيقة الى أنّ زيادة رواتب موظفي القطاع العام من حوالى العامين ساهمت في تحسين القدرة الشرائية، لكن اليوم ومع الحديث عن اقتطاع جزء من الرواتب نلاحظ أنّ الحركة الاستهلاكية تفرملت خوفاً من إقدام الحكومة على مثل هذه الخطوة، ولهذه الخطوة تداعيات سيّئة جداً نفسيّاً واقتصادياً وواقعياً ومالياً.
وأكد حبيقة أنه يمكن للحكومة اليوم أن تلجأ الى خطوات عدة تفي بالغرض المطلوب من خلال خفض الإنفاق من دون أن تحدث أيّ خضة في البلد مثل: وقف تمويل الجمعيات الخيرية الوهمية، وقف إيجارات مباني الدولة غير ذي جدوى وغالبيتها تذهب كتنفيعات، خفض رواتب السياسيين ومنافعهم، إعادة النظر بالرواتب الكبيرة والمضخّمة علماً انها ليست كثيرة، إعادة النظر بالتدابير الاستثنائية والمكافآت، وإعادة النظر برواتب الهيئات الناظمة، فهل يُعقل أن يتقاضى رئيس الهيئة الناظمة لهيئة البترول 25 مليوناً في حين أنّ الهيئة لم تبدأ عملها بعد؟