“فتّوشيّون” في “مجلس شورى الدولة”.
رد المكتب الإعلامي لشركة إسمنت الأرز على تقريـر الزميل وليـد حسين في موقع “المدن”، نورده حرفياً ومن دون أي تدخّل تحريري:
“أوردت “المـدن” في تقريـر أجـراه وليـد حسين عن المجمـع
الصناعـي لشركـة إسمنــت الأرز أن هنـاك “جرائـم تستحـق السجـن المؤبـد
لمرتكبيهـا”. كمـا ورد في العنـوان، ليتبيّـن أن الكاتـب إستنـد الى مـا
قالـه المدعـو عبدالله حـداد (المُلاحـق بدعـاوى قضائيـة) ومـا إدعـاه
القيـادي في الحـزب التقدمـي الإشتراكـي نشـأت الحسنيـة.
وعليـه فإننـا
نوضـح أن كـل مـا ورد هـو إفتـراءات عاريـة من الصحـة جملـة وتفصيـلاً،
ويُعتبـر إهانـة للقضـاء اللبنانـي الـذي قـام بـدوره وأصـدر أربعـة أحكـام
مبرمـة كـان آخرهـا مـا صـدر عـن مجلـس شـورى الدولـة.
وإذا كـان
تقريـر “المـدن” قـد تحـدث عـن “تلاعـب إدارات الدولـة وتزويـر وثائـق
وتهـرب مالـي….”، فـإن الوثائـق الصـادرة عـن وزارات: الأشغـال العامـة
والنقـل، الطاقـة والميـاه، البيئـة، الصناعـة والصحـة تؤكـد جميعهـا
قانونيـة وصحـة الترخيـص، فـلا يوجـد أي تخلـف عـن دفـع الرسـوم ولا أي
تهـرب ضريبـي، بـل إنّ المالكيـن دفعـوا المتوجّبـات الماليـة رغـم توقـف
المجمـع الصناعـي عـن العمـل منـذ ثـلاث سنـوات ونصـف، بسبـب المنـع غيـر
القانونـي من قبـل وزارة الداخليـة والبلديـات والمسلحيـن التابعيـن للحـزب
التقدمـي الإشتراكـي.
كمـا أن دراسـة الأثـر البيئـي حول المجمّع
الصناعي كرستهـا الأحكـام القضائيـة المبرمـة التـي أكـدت صحـة وقانونيـة
الترخيـص بعـد دراسـات علميـة أفـادت عكـس الإدعـاءات التـي أوردهـا تقريـر
“المـدن”.
وبحسـب مـا ورد في دراسـة الأثـر البيئـي التـي ثبّتهـا
القضـاء اللبنانـي في أحكامـه، فـإن المؤسسـة تقـع في منطقـة جـرداء قاحلـة
(لا مصـدر ميـاه ولا غطـاء نباتـي) ويبعـد موقعهـا 15 كلـم من بلـدة عيـن
دارة مـروراً بالمديـرج، وضهـر البيـدر وصـولاً الى موقـع المجمـع
الصناعـي. فـلا يوجـد أي تجمـع سكنـي ولا مـدارس ولا مستشفيـات أو مبـانٍ
رسميـة بجـوار المجمّـع، ولا معالـم ثقافيـة أو تاريخيـة أو آثـار ينبغـي
الحفـاظ عليهـاضمـن هـذا الشُعـاع، علمـاً أن موقـع المجمـع مصنـف ومكـرس
بأحكـام قضائيـة ومؤكـد بتوصيـة نيابيـة بتاريـخ 15/7/2003.
كمـا أنـه
بحسـب الدراسـة العلميـة نفسهـا فـإن المعـدّات التـي ستُستعمـل في مراحـل
الإنتـاج حديثـة تتوافـق مع المعاييـر العلميـة الدوليـة الموضوعـة لصناعـة
الإسمنـت، بشهـادة ومراقبـة وكفالـة شركـات دانماركيـة والمانيـة
متخصّصـة. وسيكـون تشغيـل المجمّع خاضـع لمراقبـة مستمـرة بواسطـة
متخصّصيـن وآلات حديثـة من شأنهـا تلافـي أو إستبـاق أو معالجـة كـل تخـط
لنسـب الإنبعاثـات الغازيـة المسمـوح بهـا(هـذا مـا ذكـره الحكـم
القضائـي)، والأهـم أن عمـل المجمـع الصناعـيسيلتـزم بنصـوص المعاهـدات
الدوليـة حـول التغيّـر المناخـي وتخفيـض التلـوث وحمايـة طبقـة الأوزون
ومكافحـة التصحـر.
وبالتالـي فـإن تقريـر الأثـر البيئـي دحـض سلفـاً
كـل الأكاذيـب التـي يشيعهـا حـداد والحسنيـة ومن يقـف خلفهمـا والحاقديـن
والمزايديـن والجاهليـن والعالمين المجهِّلين.
أمـا إتهـام الوزيـر
حسيـن الحـاج حسـن، بعـدم الإلتـزام بالمعاييـر البيئيـة، فهذا كذب أيضا،
لأن الحـاج حسـن بنـى تراخيصـه بخصـوص المجمـع بنـاءً على إستشـارة هيئـة
الإستشـارات والتشريـع، والقـرارات الصـادرة عـن مجلـس الـوزراء،
والقـرارات الإداريـة النافـذة الساريـة المفعـول والمخطـط التوجيهـي
ودراسـة الأثـر البيئـي.
ولذلـك، نطلـب من فخامـة رئيـس الجمهوريـة
العمـاد ميشـال عـون ومؤسسـات الدولـة الحفـاظ على المستثمريـن في البلـد،
في زمـن الأزمـات المالية.
وفيمـا خـصّ القضـاء، الغريـب أن يكيـل لـه
المتحدثون في تقرير “المدن” إتهامـات هـي بمثابـة تهجـم في غيـر مكانـه،
خصوصـاً أن المدّعيـن أنفسهـم هـم الذيـن لجـأوا للقضـاء اللبنانـي، فهـل
يُصبـح القضـاء عـادلاً في حـال أصـدر قـرارات تناسبهـم؟ ويكـون عاطـلاً
عندمـا يلتـزم العدالـة والقانـون؟؟
وهـل أن المجمـع الصناعـي في جرود عين دارة يـوزع السمـوم ومعمـل سبليـن يـوزع العطـور؟
لقـد
بـات مكشوفـاً أن مخطـط المدّعيـن هـو الإبتـزاز وفـرض الخـوّات والحصـص
كمـا كانـوا إعتـادوا في زمـن السلـم والحـرب. وهـذا هـو الفسـاد بعينـه،
خصوصـاً أن خزينـة الدولـة هـي التـي تدفـع الثمـن نتيجـة هـدر المـال
العـام ودفـع التعويضـات والضـرر والربـح الفائـت اليومـي؟
واخيراً كنا
نتمنى على صحيفة المدن الالكترونية الغرّاء ان تنقل الاخبار الصحيحة، و
الاّ تنحاز بتقريرها الى جانب فريق كاذب، ولو كانت سألتنا، لكنّا زودناها
بالوثائق التي تدحض كل تلك الأكاذيب”.
تعقيب “المدن”:
يهمّ
صحيفة “المدن” التأكيد على أنّ ما جاء في تقرير الزميل وليد حسين حول
معاناة أهالي عين دارة البيئية، لم يقتصر على مصنع الإسمنت، بل تعدّاها إلى
ملف الكسارات والمقالع والمرامل، وهو الأهم، وتَنَكَّبَ جرّاءها أهالي
المنطقة تدميراً للجبال والبيئة والطبيعة. ويهمّنا التأكيد أن كل ما ورد من
كلام في التقرير مأخوذ حرفيّاً من المصرّحين به، ولم تتمّ إضافة أي فكرة
من بنات أفكار الكاتب، بما فيها عنوان التقرير. وتلفت “المدن” إلى أنّه
وأثناء كتابة المكتب الإعلامي لـ”شركـة إسمنــت الأرز” بيان الرد، كان
نوّاب قضاء عاليه يعقدون ندوة ومؤتمراً صحافياً، نقلته معظم الوسائل
الإعلامية، جاء فيه على لسان بعضهم إنّهم يقفون إلى جانب مطالب أهالي عين
دارة في ما يقرّرون، وتأسّف أحد النواب قائلاً إنّ ثمّة “فتّوشيّين” في
“مجلس شورى الدولة”.
والملفت في ردّ الشركة التطرّق إلى “دراسة الأثر البيئي”، التي وضعتها إحدى الشركات المكلّفة من قبل “مجلس الإنماء والإعمار”، حول المعدّات المستخدمة وأهميّتها في عدم تلويث البيئة، وغيرها من الأمور التقنيّة، ليعود كاتبوه ويخصلوا إلى أنّه “وبالتالـي فـإن تقريـر الأثـر البيئـي دحـض سلفـاً كـل الأكاذيـب التـي يشيّعهـا حـداد والحسنيـة ومن يقـف خلفهمـا…”. علماً أن الرد لم يأت على ذكر سيرة “التقرير”، بل تحدّث عن “الدراسة”، فهل في هذا تلاعب بالقارئ أم خطأ غير مقصود؟ فالتقرير مختلف عن الدراسة، كونه تقرير رسمي تعدّه اللجنة التقنيّة في وزارة البيئة، ويتناول الأثر البيئي للمصانع في المنطقة المزمع البناء عليها، آخذاً في الاعتبار طبيعة الأرض وموقعها ومدى تأثيرها على المحيط، والمياه الجوفية، وغيرها من الأمور التقنية. والأهم، أنّه على أساسه يتمّ الترخيص من وزارة الصناعة. وبالتالي لم يردّ البيان على إخفاء أو اختفاء التقرير، كما إدّعى المصرّحون، والذي طلبته “المدن” من وزارة البيئة، ووُعدنا بتسلّمه في حال وجوده في الأيام المقبلة، ليُبنى على الشيء مقتضاه. ففي حال وجود هذا التقرير لدى القيّمين على “الشركة”، نشكرهم سلفاً على تزويدنا بنسخة عنه، كي ندحض إدعاءات أهالي عين دارة!
بالتالي، فليعتبر المعنيون في هذه القضيةّ ردّ جريدة “المدن” بمثابة دعوة إلى جميع المتضرّرين لتقديم ما يملكون من وثائق لعرضها أمام الرأي العام. فصحّة المواطن والعيش في بيئة نظيفة هي أولويّة صحيفتنا، التي تنحاز إلى تلك القضايا. ويُفترض عدم إعابتها على ما هو وقار.