البطريرك صفير في ذمة الله: صافح الشريك في مصالحة لا يصنعها إلا الكبار.
رحل الكاردينال مار نصرالله بطرس
صفير، قبل أن يطوي عامه الـ99. رحل الرجل الذي هزّ العصا يوم كان البعض
يعمل على تسليم الدولة اللبنانية للغريب المحتل رافضاً الخنوع والخضوع
والتسليم بالأمر الواقع، وحمل غمبازه نحو الجبل وقطع متاريس الحقد التي
زرعتها الحرب وصافح الشريك في مصالحة لا يصنعها إلا الكبار.
فتح أبواب بكركي، ووقف في وجه الاحتلال مدافعاً عن سيادة وحرية واستقلال لبنان.
قد لا تكفي الأبجدية لوصف رجل قلّ نظيره في مواقفه وبياناته الكنسيّة والسياسيّة. صمد البطريرك السادس والسبعون للبنان في أحلك الظروف وعاند، وأبى الإستسلام حتّى على فراش المستشفى، إلى أن غلبه قلبه وقرّر الرحيل بعد 98 عاماً من العطاء والمقاومة والصمود. لم يمت من أعطي له مجد لبنان، بل دخل التاريخ رجلاً للاستقلال الثاني.
وفي ما يلي نبذة عن البطريرك صفير:
نشأته وُلد في ريفون – كسروان بتاريخ 15 أيار 1920. في بيت عُرف بالتقوى. والده مارون صفير ووالدته حنه فهد من غوسطا، وله خمس شقيقات: ماتيلا، جوهرة، أوديت، لور، ميلانه. أتمّ دروسه الابتدائيّة والتكميليّة في مدرسة مار عبدا – هرهريا في عرمون – كسروان، ثم دروسه الثانوية في المدرسة الإكليريكيّة البطريركيّة المارونيّة في غزير – كسروان، وفي المعهد الإكليريكي الشرقيّ التابع للجامعة اليسوعيّة، حيث تابع دروسه الفلسفيّة واللاهوتيّة
سيرته الكهنوتية في 7 أيّار 1950، رقّي إلى درجة الكهنوت، وعيّن خادماً لرعيّة ريفون وأمين سرّ أبرشيّة دمشق (صربا اليوم) وأمين سرّ البطريركية المارونيّة رُقِّي إلى الدرجة الأسقفيّة وعيِّن نائباً بطريركيّاً في 16 تمّوز 1961: عيّن مدبراً بطريركياً .ورئيسًا للّجنة التنفيذيّة لمجلس البطاركة والأساقفةالكاثوليك في لبنان: عام 1975 وممثلاً لرئيس مجلس البطاركة الكاثوليك في لبنان لدى كاريتاس لبنان سنة: 1977، ومستشاراً للّجنة الخاصّة بإعادة النظر في الحق القانوني الشرقي ومرشداً روحياً لمنظّمة فرسان مالطة ذات السيادة
بطريرك وكاردينال – انتخبه مجلس المطارنة بطريركاً في 19 نيسان 1986،وهو البطريرك السادس والسبعون في سلسلة البطاركة الموارنة. شغل منصب رئيس لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان. وشارك في 6 مجامع عامة لسينودوس الأساقفة، وفي جمعية سينودوس الأساقفة الخاصة بلبنان، وسينودس مسيحيّي الشرق الأوسط. وهو عضو مؤسّس لمجلس بطاركة الشرق الكاثوليك: عقد المجمع البطريركي الماروني سنة 2003 وهو الأول بعد المجمع اللبناني الذي انعقد سنة 1736. عُيّن كردينالاً في 26 تشرين الثاني 1994، ثم عضواً في المجلس الحبري لتفسير النصوص التشريعيّة وعضواً في المجلس الحبري لراعوية الخدمات الصحية مؤلفاته وترجماته -ألّف: من ينابيع الإنجيل، وغابت وجوه (جزئين)، عظة الأحد، رسائل الصوم . وكتابي رتبة العماد والزواج. له عّدة ترجمات: أهمها: يسوع حياة النفس، يسوع المسيح ، بالإضافة إلى ترجمة عدد كبير من الرسائل البابوية والإرشادات الرسولية . كتبت عنه عدة مؤلفات: (طريق العودة، السادس والسبعون (جزآن)، حارس الذاكرة، الجيل حقًا قام، رحلة إلى أوستراليا، صوت الراعي. وقام الأب أنطوان ضو والإعلامي جورج عرب بجمع وتحقيق الأعمال الكاملة للبطريرك صفير.
إنجازاته – على الصعيد الكنسي والإداري: عيّن نوّابًا بطريركيّين في جبيل، البترون، الجبّه، دير الأحمر، صربا، جونيه. وترأس سيامة 44 أسقفًا منهم البطريرك الحالي،وأعلن رتبة القداس الماروني الجديد وشارك في السينودس من أجل لبنان: 1995 الذي تلته زيارة قداسة البابا يوحنا بولس الثاني إلى لبنان: 1997. ألغى الشراكة وملّك الشركاء بيوتهم في الديمان ووادي قنوبين وبلوزا وسرعل وأسّس الصندوق الاجتماعي الماروني والصندوق التعاضدي الاجتماعي الصحّي واستصلح أراض في الديمان وإنشأ صندوق ضمان المطارنة المتقاعدين المشترك وعمل لتصنيف وادي قنوبين وغابة الأرز في لائحة التراث العالمي وأسّس المركز الماروني للتوثيق والأبحاث ومؤسّسة البطريرك نصراللّه صفير والمؤسسةو المارونية للانتشار.
– على الصعيد العمراني: إنشاء جناح جديد، جنوب الصرح، يضم قاعات مختلفة: قاعة كبيرة للمحفوظات، مكتبة، قاعة البابا يوحنا-بولس الثاني، غرف للأساقفة،. وجناح شمال الصرح، يشتمل على مساكن راهبات وموظّفين ومرافقي الأساقفة، مع قاعة رحبة للمحاضرات ولاجتماعات مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان: إنشاء ساحة مهيّأة للإحتفالات الدينيّة الكبرى، مقابل مدخل الصرح، تشتمل على خوروس رحب ومذبح، وتتّسع لحوالي 20 ألف نسمة وأنشاء قاعة في بكركي باسم البابا يوحنا بولس الثاني وترميم بعض أجزاء المقر البطريركي في قنوبين وإقامة راهبات فيه. وإنشاء بناء جديد يجمع : المحكمة الروحيّة المارونيّة والصندوق الاجتماعي الماروني واللجنة البطريركيّة للشؤون الليتورجيّة الأمانة العامة لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان ولمجلس بطاركة الشرق الكاثوليك المركز الماروني للتوثيق والأبحاث.
– على الصعيد الكنسي والإداري: عيّن نوّابًا بطريركيّين في جبيل، البترون، الجبّه، دير الأحمر، صربا، جونيه. وترأس سيامة 44 أسقفًا منهم البطريرك الحالي، ضم أبرشية صربا إلى الأبرشية البطريركيّة وإعلان نيابة جبيل البطريركيّة أبرشيّة قائمة بذاتها وضمّ أبرشيّة جونيه إلى الأبرشيّة البطريركيّة وإعلان نيابة البترون البطريركيّة أبرشيّة قائمة بذاتها.
بناء مركز البطريرك صفير الطبي في منزله الوالدي في ريفون، الذي وهبه لرابطة كاريتاس لبنان لإدارة المركز المذكور والمكتبة والقاعات التابعة له. تحسين كنيسة سيدة لبنان في باريس وترميم البيت الفرنسي اللبناني وترميم كنيسة سيدة لبنان والبيت الفرنسي-اللبناني في مرسيليا – وترميم المدرسة المارونية في روما وإعادة فتحها
– على صعيد الزيارات الراعوية والرسمية:
– قام بزيارات رسمية وراعوية إلى: الفاتيكان والاتحاد السوفياتي والجزائر والولايات المتّحدة الأميركيّة والكويت وقبرس والمانيا وأفريقيا الجنوبية ومصر والأردن واستراليا والبراز يل ونيجيريا، وغانا وشاطئ العاج وتوغو وبنين والسنغال وكندا والأرجنتين والمكسيك والأورغواي وبلجيكا وسويسرا والسويد وبريطانيا: وقطر واسبانيا.
لقد أسهم البطريرك الكاردينال مار نصراللّه بطرس صفير في الكشف عن نفائس الكنوز الروحيّة في كنيستنا المارونيّة، فكان له دور بارز في إعلان تطويب وتقديس عدد كبير من أبناء الكنيسة المارونيّة الذين عاشوا البرارة وسلكوا بأمانة بحسب نهج القديس مارون.
شارك غبطته في روما بحدث إعلان الأب شربل مخلوف الراهب اللبناني الماروني طوباوياً وقديسًا، وشارك في إعلان الأخت رفقا الراهبة اللبنانية المارونية مكرّمة ثمّ، طوباويّة وقدّيسة وفي إعلان الأب نعمةاللّه الحرديني الراهب اللبناني الماروني مكرّماً ثمّ طوباوياً و قديساً وفي إعلان الأخ اسطفان نعمه الراهب اللبناني الماروني مكرّماً ثمّ طوباويًا وترأس غطته بتكليف من قداسة كما تمّ فتح دعوى تطويب وتقديس كلّ من رجل الله المكرّم البطريرك مار اسطفان الدويهي الإهدني. رجل اللّه المطران عبداللّه قراعلي أحد مؤسّسي الرهبانيّتين اللبنانيّة المارونيّة والمريميّة المارونيّة والأب الحبيس أنطونيوس طربيه الراهب المريمي الماروني.
وفي مطلع سنة 2011 تقدّم غبطته باستقالته، طالباً إعفاءه من المهام البطريركيّة والانصراف إلى التأمّل والصلاة. فانتُخب المطران بشارة الراعي بطريركاً، بتاريخ 15/3/2011، وهو البطريرك السابع والسبعون.