هل أطفأ لقاء الحريري- باسيل احتقان الشارع السني؟
صحيح ان الساعات الخمس التي جمعت رئيس الحكومة سعد الحريري بوزير الخارجية جبران باسيل في بيت الوسط منذ ايام أسهمت في سحب فتيل الانفجار الذي كان قاب قوسين في الشارع السنيّ نتيجة بعض المواقف التي اطلقها وزير الخارجية وبرّدت نسبيا الاجواء المشحونة عشية جلسة مجلس الوزراء، وصحيح ان التجاوب الذي ابداه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع مضمون رسالة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بنقاطها الثلاث ضخّ نسبة لا بأس بها من الارتياح في الوسط المسيحي الذي يخوض طرفاه الاساسيان التيار الوطني الحر بشخص رئيسه والقوات اللبنانية حرباً باردة مسرحها مواقع التواصل الاجتماعي الملتهبة بالتغريدات النارية، وصحيح ايضا ان جبهة التيار- الاشتراكي هادئة منذ مدة بفعل انشغال الزعامة الجنبلاطية بسجالها مع الرئيس الحريري الذي دخل على خط لجمه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وصحيح ايضا وايضا ان جبهة التيار- امل لم تشهد اي معركة منذ مدة بفعل نجاح جهود الحليف المشترك، حزب الله، علما ان عناصر حزبية ازالت اعلام التيار من احدى قرى الجنوب واستبدلتها بأعلام الحركة، لكنّ الصحيح ايضا والمثبت بالعين المجردة، ان اللقاءات السياسية القيادية بين “الكبار” لم تعد تؤدي الغرض كما في السابق على المستوى الشعبي. ما يدور في الشارع على مستوى الوطن عموما، يؤكد، كما يقول مراقبون لـ”المركزية”، ان “الامور مش ظابطة” ولا يمكن ان تستكمل على هذا النحو. فبمجرد معاينة ميدانية بسيطة لما تحمله منصات التواصل الاجتماعي من مواقف واراء، تشتعل بسرعة البرق على خلفية كلمة او عبارة لهذا المسؤول او ذاك، وتندلع اشتباكات سياسية تكاد لا تتوقف، يستخلص المرء مدى الاحتقان الذي يشحن نفوس اللبنانيين مهددا بتحوله الى فتنة في اي لحظة.
ازاء هذا الواقع، يضيف هؤلاء، لم تعد الحبوب المهدئة ولا جرعات التخدير الموضعية التي يتم ضخها في عروق العلاقات بين القوى السياسية ذات جدوى، فالجمر المتّقد تحت نيران المواقف الفتنوية والاستفزازية بات يتهدد بسحب ورقة الشارع من يد المسؤولين ودخول طابور خامس على خط استخدامها، خصوصا ان التربة الخصبة مهيأة لإذكاء نار الفتنة واشعالها في اي لحظة. فالمطلوب، بحسب المراقبين، صحوة وطنية كبرى تضع حداً للانزلاقات الخطيرة التي تتجه البلاد نحوها بسرعة قياسية والا فإن السقطة التي يخشاها اللبنانيون اقتصاديا وماليا قد لا تكون كذلك وما انتظروه “من الشرق سيأتيهم من الغرب” على صهوة “الفتنة المتنقلة”.
واذا كانت القواعد الشعبية المسيحية تلتزم الى حد ما بتوجيهات معراب وميرنا الشالوحي وبكركي للتهدئة بعيد كل جولة تصعيد، فإن الشارع الاسلامي قدلا يكون كذلك، حيث تتحدث اوساط اسلامية عن استياء عارم في هذا الشارع من المحاولات المتكررة لاستهدافه وهو ما دفع الرئيس الحريري اثر عودته من عطلة الفطر الى عقد مؤتمره الصحافي الشهير وتسمية الاشياء باسمائها ايذانا بنمط جديد من الممارسة والتعاطي مع محاولات استفزاز هذا الشارع. وتؤكد لـ”المركزية” ان عمق الازمة وغياب الثقة بين اهل الحكم، وخصوصاً برئيس التيار الوطني الحر، تستدعي علاجات جذرية تبدأ بمبادرات من اعلى المراجع السياسية في البلد لوضع حدٍ لمرة اخيرة للخطاب السياسي “الفتنوي” المتنقّل بين المناطق اسبوعيا وتعبئة الشارع، وتاليا العودة الى الثوابت الوطنية ومرجعية الدولة وتحصين الوحدة. وتسأل عن المصلحة في عدم تحرك هذه المراجع ازاء ما يجري لوقف حقن الشارع بهذه المواقف قبل بلوغ نقطة اللا عودة، حيث يصبح الندم من دون جدوى، فهل ان مطلقيها باتوا اكثر قدرة من المسؤولين الحكماء وتفوقوا على العقلاء، ليدفعوا البلاد الى “حفلة جنون” قد يسعى اليها البعض لغايات في نفس يعقوب، تختم الاوساط الاسلامية.