سيزار المعلوف : لا يستطيع باسيل الاستيلاء على كل مقدرات الدولة
تتصدّع التحالفات والتفاهمات السياسية “بالجملة والمفرق” في ظل تفرُّق أبناء الصف الواحد، لا سيما بين الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل حيث “انفخت الدف” وتفرّق رفاق الأمس، وصولاً إلى ما يجري على خط “معراب” – “ميرنا الشالوحي” من مساجلات ومناكفات، إذ أصيب “تفاهم معراب” بأضرار بالغة ولم تعد تنفع معه عمليات التجميل والترقيع. فقد بات بحاجة إلى عملية جراحية قيصرية، خصوصًا بعدما صال وجال رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل في بشري معقل “القوات اللبنانية”، إلى مواقفه في “عرين الحكيم” وما سبقها من تحديات وتصعيد سياسي بلغ ذروته في الآونة الأخيرة.
وثمة من يشير إلى أنّ الحرب المقبلة بين أبناء “تفاهم معراب” إنّما تصب في التعيينات الإدارية حيث تنتظر القوات باسيل “على الكوع”، وذلك ما تبدى في الساعات الماضية من خلال مواقف وزراء ونواب وقياديّيها الذين شجبوا مواقف باسيل ومحاولة استفراده بالتعيينات الإدارية، إضافةً إلى ما سبق ذلك من “ميني حرب” بين “معراب” و”ميرنا الشالوحي” على خلفية سلفة وزارة المهجرين البالغة أربعين مليار ليرة، والتي كانت بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير بين الطرفين، وقافلة الخلافات والتباينات تطول وتطول.
فحول ما يجري بين القوات والتيار البرتقالي من تصعيد ومناكفات، هل للتعيينات المرتقبة صلة بهذا التصعيد؟ يقول عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب سيزار المعلوف لـ”النهار”: “لنكن صريحين وواقعيين، وهذا ما يدركه القاصي والداني، فإنّ هناك جوعًا عتيقًا وجشعًا لدى التيار الوطني الحر في السلطة والاستيزار والتعيينات وكل مواقع وإدارات الدولة، وبالتالي هذه التعيينات المرتقبة ليست حكرًا على التيار. فبدايةً ثمة كتلة نيابية وازنة للقوات اللبنانية، وصولاً إلى ما تمثّله شعبيًّا على مستوى كل لبنان، وعلى التيار البرتقالي أن يقرّ بذلك ولا ينصّب نفسه وصيًّا على المسيحيين واللبنانيين بشكل عام، إضافةً لذلك نحن في القوات اللبنانية نعتمد على معيار الكفاية والشفافية وهذا ما يعترف به الخصوم قبل الحلفاء، من خلال ممارسة وزرائنا في الحكومة أو على مستوى كتلتنا النيابية، لذلك لا يستطيع الوزير باسيل الاستيلاء على كل مقدرات الدولة، وليحترم تمثيل الجميع”.
وبصدد زيارة باسيل لبشري، يردف المعلوف متابعًا: “النائبة السيدة ستريدا جعجع قالت كلمتها وكانت واضحة بأنّ بشري مفتوحة أمام الجميع وليس هناك من مناطق مغلقة، إنّما ليدرك رئيس التيار الوطني الحر بأنّ بشري هي إحدى عواصم القوات اللبنانية مثل زحلة ودير الأحمر والأشرفية وكسروان وغيرها، لكنّ المشكلة في الوزير باسيل أنّه يدخل المناطق من نوافذها وليس من أبوابها وبمظاهر مسلحة، والسؤال لماذا؟ هل للاستفزاز؟ أو الخوف؟ فبشري ترحّب بضيوفه وكذلك زحلة. فلمَ هذه المواقف السياسية الاستفزازية التي لا لزوم لها سوى الاستفزاز”.
وإزاء ما جرى في الأيام الماضية من مساجلات بلغت أوجها، وتحديدًا استهداف “حكيم معراب” على خلفية استذكار حرب الجبل، يضيف المعلوف: “إنّ الشجرة المثمرة تُرشق بالحجارة، وهذا ما ينسحب على وزراء القوات اللبنانية ونوابهم حيث لا ينفك التيار الوطني الحر يستهدفهم لأنّهم ناجحون، وهذا ما تعوّد عليه التيار من خلال الحملات الجائرة والتطاول على الدكتور جعجع الذي كان له اليد الطولى في حماية المسيحيين واللبنانيين في أصعب الظروف والمحطات. وبالتالي من المعيب، بعد التوصّل إلى اتفاق الطائف الذي دعمته القوات وسلّمت سلاحها إلى الدولة اللبنانية والتزمت الشرعية والدولة ومؤسساتها وهي اليوم الداعم الأساسي لها، أن نرى البعض “وكل ما دقّ الكوز بالجرة” يقومون بنبش القبور ونكء الجراح”.
ويتابع: “ليُدرك التيار الوطني الحر وسواه أنّه لولا القوات اللبنانية لكانت سقطت كل المناطق المسيحية في فترة معينة إبان الحرب المؤسفة، وقد طوينا هذه الصفحة. ولكن ماذا قدّم هؤلاء للمسيحيين واللبنانيين، مقابل الآلاف من شهداء القوات الذين سقطوا دفاعًا عن السيادة والوجود المسيحي في مرحلة من تاريخ هذا الوطن. وأقول لهم لولا ذلك لما كان هناك مسيحيون في لبنان، فنحن لا نريد أو نستهوي هذه الإثارة وذاك التاريخ من الحروب إنّما من بيته من زجاج لا يرشق الناس الشرفاء بحجارة”.
وعن خلفيات هذا الهجوم الذي يستهدف القوات، وهل هو مقتصر على سلفة صندوق المهجرين، يردّ المعلوف بالقول: “بدايةً، أُقرّت هذه السلفة لوزير المهجرين بلحظات وهو الذي يرتكب “الفاولات” بالجملة، في حين لم يكن هناك تجاوب مع وزير الشؤون الاجتماعية رغم الحاجة الملحّة لدعم وزارته لبلسمة جراح أصحاب الحاجات الخاصة، تلك الشريحة التي نقدّرها ونحترمها ونقف إلى جانبها. أمّا عن الخلفيات فمن الطبيعي أنّها واضحة المعالم وتصب في خانة معركة رئاسة الجمهورية التي فُتحت باكرًا من قبل رئيس التيار الوطني الحر”، مؤكدًا أنّ الدكتور جعجع يسعى للحفاظ على تفاهم معراب ويشدّد في كل اجتماعات التكتل على ضرورة دعم العهد ورئيسه. “ولكنّني أقول وبصراحة، إذا استمر الوزير باسيل في نبش دفاتر الماضي والتطاول على الحكيم والتذكير بحرب الجبل، فإنّنا لن نسكت إطلاقًا وسيكون لنا ردّ قاسٍ وسنفتح كل الصفحات ولدينا الكثير لنقوله، ولكنّنا نسعى إلى ما يحصّن الساحتين المسيحية والوطنية في هذه الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة، ونحن لم نكن البادئين، والبادئ أظلم”.
أخيرًا، وحول الموازنة وهل ستمر على خير في المجلس النيابي، يخلص المعلوف قائلاً: “إنّ الموازنة تعيد الثقة بين المواطن والدولة، ولكن لأكن صريحًا، لن نقبل وبأي من الأشكال من خلال نقاش هذه الموازنة وما تضمّنته من بنود، ما يمسّ ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى، حيث سيكون لنا موقف واضح وحاسم لأنّ الناس بالنسبة إلينا خط أحمر وسنسعى الى مكافحة الفساد واستئصاله والمحاسبة بشأن التوظيفات العشوائية، وهذا ما سنعبّر عنه في المجلس النيابي باعتبار أنّ الحكومة تجنّبت المس في الأملاك البحرية التي من شأنها درّ أربعمائة مليون دولار إلى خزينة الدولة، إلى الأبنية الحكومية المستأجرة حيث تدفع الدولة عليها مئة مليون دولار، ناهيك بما يدور حول سائر الصناديق من هدر وفساد”.
النهار