وقائع الساعات الأخيرة التي حسمت لقاء بعبدا
أسعد بشارة – الجمهورية
ساعات مفصلية عاشتها مبادرة الرئيس نبيه بري ليل أمس الاول، حيث كاد الاتفاق الثنائي بين رئيسي الجمهورية ميشال عون وسعد الحريري، الذي عقد عبر مشاورات هاتفية من بعبدا الى حيث كان الحريري في الخارج، أن يفجّر المصالحة، فلقد فوجئ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بالمبادرة، حيث لم يتم وضعه في تفاصيلها، فرَدّ بموقف على «تويتر»، وقطع الاتصالات، لينجح بعدها الرئيس نبيه بري بترتيب المصالحة وفقاً لِما كان قد اتفق عليه مع جنبلاط، كل ذلك خدمة لهدف نزول الأزمة ومن سَبّبوها عن الشجرة المرتفعة.
عند عودته من أوروبا، كان الرئيس سعد الحريري قد أبرم اتفاقاً كاملاً مع الرئيس ميشال عون، على إخراج المصالحة بما يترك الباب للكثير من الشكوك والأفخاخ.عرف وليد جنبلاط بمضمون المبادرة التي تنص على عقد جلسة لمجلس الوزراء وعلى خاتمة للرئيس ميشال عون يقول فيها إنّ حادثة قبرشمون كانت مؤسفة، وانّ القضاء هو المخوّل ان يَبتّها، مع اشتراط ان لا يتكلم أحد بعد كلام الرئيس، أي على طريقة رئيس الكلام.
وجد جنبلاط انّ ما تطرحه المبادرة هو «تزحيطة» كاملة الاوصاف، فأن يختم الرئيس عون الجلسة بالتأكيد على إحالة القضية الى القضاء، من دون ان يكون لوزرائه حق الرد، فهذا يعني فخاً وتأكيداً على ان حق الاحالة الى المجلس العدلي سيبقى قائماً، وهو ما رفضه بشكل قاطع، وكان جوابه للوسطاء «اذا بَدّو يحكي بالجلسة بَدنا نحكي».
تضيف المعلومات أنه حصل تشاور وعتاب بين جنبلاط والرئيس سعد الحريري، أولاً حول طرح المبادرة من دون التنسيق، وثانياً حول رفض جنبلاط هذه المبادرة التي يعتبرها مفخّخة. أصَرّ الرئيس الحريري على السير بها، محذّراً من انّ وضع الاسواق المالية لا يسمح بالمزيد من التعطيل، فما كان من الجانب الاشتراكي الّا ان ذكّر الرئيس الحريري بالتزامه الوقوف الى جانب جنبلاط، وأبلغه بأنه حر بالسير بها، لكن أوّل رأس جبل الخطوات التي سيقوم بها جنبلاط هو استقالة وزرائه من الحكومة، امّا الخطوات الاخرى فمنها معروف شعبياً، ومنها يبقى في غرف المختارة، «فمقابل حرب الوجود لا مساومة ولا تراجع».
بعد أن رفض جنبلاط المبادرة، أقفل هاتفه ليلاً وامتنع عن استقبال أي مكالمة، وأبلغ موفدون منه الرئيس نبيه بري ما حصل، فاستشاط غضباً وكان تعليقه: قِلنالكن من أوّل الطريق هيك ما بيمشي الحال. وأعاد إحياء مبادرته، وتعهّد بالاتصال بالنائب طلال ارسلان، عارضاً الحل الوحيد «مبادرة بري» التي يقبل بها جنبلاط. إستصعب ارسلان السير بالمبادرة، وطلب من بري إعطاءه وقتاً الى الصباح، لكن بري أصرّ على إتمام مبدأ المصالحة وفقاً لمبادرته قبل صياح الديك. عاد ارسلان وطلب ان يعقد الوزير صالح الغريب مؤتمراً صحافياً ليخاطب الشارع الارسلاني، فطلب منه بري ان لا يضيع الوقت بخطوات تعرقل المبادرة وطويت صفحة المؤتمر الصحافي.
تشير المعلومات الى انّ مبادرة بري تتضمن عقد اللقاء في القصر الجمهوري وإسقاط خيار المجلس العدلي، كما تتضمن جانباً مهماً يرتبط بتصفية ذيول حادثة قبرشمون، اي إسقاط الحق الشخصي وترك المسار القضائي يأخذ طريقه جنائياً. كما يمكن تَوقّع الوصول الى حل في قضية حادثة الشويفات التي امن فيها جنبلاط إسقاط الحق الشخصي، واضعاً ايّاه في تصرّف الرئيس عون من دون ان يتمكن الاخير من الوصول الى مصالحة.
خلاصة هذه الجولة تحتاج الى الكثير من التحليل لجدولة الخسائر والارباح، فجنبلاط ربح جولة من جولات ربما تأتي في حينه، امّا عهد الرئيس عون فقد أصيب سياسياً ووطنياً، وختم السنوات الثلاث الاولى، بحادثة قبرشمون، وكل ما شهدته من عثرات في سوء الادارة السياسية.