أجراس الانذار تُقرع… فهل من يَسمع؟
على وقع اتساع رقعة الخلافات والمواجهات في قلب البيت الحكومي الواحد، وبين ركيزتين اساسيتين في هيكله، عنينا التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، والتي خرج ضجيجها عاليا الى العلن بعد محاولات عديدة لطمسه في الايام الماضية، باءت بالفشل على ما أظهرته بيانات تكتل “لبنان القوي” و”كتلة المسقبل” عصر امس، قبل إلغاء اللقاء الذي كان مرتقبا بين رئيس التيار الوزير جبران باسيل وكوادر المستقبل خلال ايام.. وسط هذه الاجواء غير المطمئنة، اخترقت وكالات التصنيف الائتماني مجددا المشهد اللبناني، مضيئة مرة أخرى، على الواقع الاقتصادي – المالي الدقيق… فقد أعلنت “موديز” أنها راجعت التصنيف الإئتماني للبنان وقررت الإبقاء على التصنيف الحالي Caa1. واضعة في الوقت عينه تصنيف لبنان قيد المراقبة وفي اتجاه الخفض خلال 3 أشهر “إذا لم يتبلور مسار الأمور في اتجاه إيجابي”. وستُجري “موديز” خلال هذه الفترة تقييماً لأداء الحكومة ومدى التزامها بإقرار موازنة 2020.”بلومبورغ” لم تكن أكثر رأفة بنا. اذ نشرت تحقيقا موسعا عن الوضع في لبنان. وركّزت على أزمة شح الدولار، وسعر الليرة، والتعميم الذي أصدره مصرف لبنان امس. وذكرت ان “بعد مرور أكثر من عقدين على تثبيت لبنان سعر صرف الليرة مقابل الدولار لتوفير “مرساة” لاستقرار الاقتصاد بعد الحرب الأهلية، يبدو انّ لحظة الحقيقة دقّت”، مضيفة “صندوق النقد الدولي أعلن ان العجز في الحساب الجاري في لبنان سيصل إلى ما يقارب 30% من الناتج المحلي الإجمالي في حلول نهاية السنة (…) فقط موزمبيق تعتبر في وضع أسوأ من لبنان”.لكن هل المعنيون بوقف التدهور القادم، يسمعون أجراس الانذار هذه؟ السؤال يفرض نفسه بقوة، وفق ما تقول مصادر سياسية لـ”المركزية”. فأداء هؤلاء حتى الساعة لا يرتقي الى المستوى المطلوب. صحيح ان الحكومة باشرت درس موازنة 2020 وأن لجانا وزارية تبحث في الوقت عينه اصلاحات مطلوبة، غير ان هذه المقاربة قد تكون مثالية لو كانت الاوضاع في البلاد عادية. أما وضعنا الهش، فلا يكفيه نمط “كلاسيكي” بل يحتاج استنفارا على اعلى الدرجات، فهل هو موجود اليوم؟ وهنا، تعود الى الاذهان “ورقة بعبدا الاقتصادية” التي خرج بها الاجتماع المالي الموسع الذي دعا اليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مطلع ايلول الماضي. يومها، تقرر اعلان حالة طوارئ اقتصادية في البلاد، كما نبه عون ضيوفه الى ان “دقة الظروف الاقتصادية والمالية التي نمر بها، تتطلب منا جميعاً التعالي عن خلافاتنا السياسية أو الشخصية، وعدم تحويل الخلاف في الرأي الى نزاع على حساب مصلحة الوطن العليا”… لكن مع الأسف، تضيف المصادر، لا حال الطوارئ أعلنت ولا الدعوة الى شبك الأيدي سُمعت، بدليل ما يحصل اليوم بين التيار والمستقبل، والهوّة التي تباعد بين نظرة المكونات الوزارية الى كيفية الخروج من الازمة. وقد عززت هذه الوقائع الاعتقاد بأن الاجتماع المالي ووعودَه (خفض عجز الكهرباء الى 1500 مليار ليرة، الاسراع باطلاق المشاريع الاستثمارية المقررة في مجلس النواب والبالغة قيمتها 3،3 مليار دولار. اقرار مجلس الوزراء لائحة مشاريع المرحلة المقبلة من برنامج الانفاق الاستثماري “سيدر”، مناقشة واقرار تقرير “ماكينزي” ووضع آلية لتنفيذ التوصيات القطاعية الواردة فيه) كان “فولكلوريا” شكليا، لاجتياز امتحان تقرير وكالة “ستاندرد أند بورز” آنذاك، لا أكثر.الوكالات أمهلت لبنان وليست في وارد “إهماله” أو غض النظر عنه، بل تضعه تحت مجهرها. وفي السباق مع الوقت هذا، حيث “المركزي” يجهد لتفادي أزمة مالية نقدية، لا بد من تغيير سلوك العمل “النمطي” السائد اليوم، وقبل ذلك، لا بد من تأمين مناخ سياسي مستقر في البلاد، ألفباء الاستقرار الاقتصادي.