نصر الله يلوّح بحكومة “ممانعة” حليفة للصين وسوريا وإيران
تجاهل حسن نصر الله، في خطبته المتلفزة بعد ظهر الثلاثاء، الحديث عن
أزمة الحكومة تكليفاً وتأليفاً، ربما لأن اللقاءات والمشاورات مستمرة، ولا
يريد استباق النتائج أو الإفصاح عن تعقيداتها.
في البداية امتدح الحشود الهائلة للحوثيين وهم يتجمعون تحت الشمس الحارقة، متوعدين إسرائيل.
تشجيع القضاء
ركز
نصرالله على الإيجابية المتأتية من تظاهرات اللبنانيين، معتبراً أن هناك
مطالب يتجمع عليها كل المتظاهرين، وهي مكافحة الفساد، ومحاكمة محسابة
الفاسدين، واستعادة الأموال المنهوبة والمسروقة. مقِرّاً أن هذا يمثل
إجماعاً وطنياً عابراً للطوائف والمناطق والأحزاب، معلناً أن لا أحد بعد
سيكون قادراً على حماية أي فاسد، و”هذا تطور كبير حصل في البلد”.
وقال أنه لا بد من البناء على هذه الإيجابية، عبر مكافحة الفساد، رابطاً هذا الأمر بالحاجة إلى تشكيل حكومة جديدة، طالباً من القضاء أن يتشجع. وأشار نصرالله إلى أن حزبه كان أول من طرح مكافحة الفساد بعد الانتخابات النيابية. لافتاً إلى أن أمر مكافحة الفساد يختلف عن مقاومة إسرائيل “المتوافرة كل ظروفها وتحظى بغطاء شعبي وقانوني، ولدى حزبه السلاح والمقاومين للقيام بهذه المهمة”.
وقال: “أما بالنسبة إلى مقاومة الفساد، فأدوات هذه المهمة وعناصرها مختلفة بالكامل، لأن البلد فيه مسؤولين وموظفين وتجار وشخصيات مهمة كلهم فاسدون، والهدف هو محاكمة هؤلاء، ومعاقبتهم واسترداد الأموال المسروقة منهم، وهذا يحتاج إلى وسائل مختلفة، ويحتاج إلى قضاء وجهاز قضائي نزيه ومستقل وشجاع، ويجب توفير آليات استرداد الأموال المنهوبة التي تم تهريبها إلى خارج البلد. وهذه الإمكانات غير موجودة لدى أي حزب، بل هي تكون نتاج عمل الدولة”.
وتحدث نصر الله عن كلام مسؤولي حزبه حول امتلاك ملفات للفساد،
معتبراً انه ليس المطلوب منه نشرها والتشهير بالآخرين، بل هذه الملفات
ستسلم للقضاء، وطلب من المهتمين بمكافحة الفساد الذهاب وتقديم ما لديهم إلى
القضاء، قائلاً: “المطلوب اليوم من مجلس القضاء الأعلى والقضاة أنفسهم،
أنه بحال جرى الكلام عن انتفاضة وحركة تاريخية وخطوة إنقاذية، فهي اليوم
مرهونة بالجهاز القضائي، والقضاة وضمائرهم ومسؤوليتهم، واستدعاء الجميع
ورفع الحصانات”.
الفاسد كالعميل
وكشف نصر الله
عن اتفاق بين كتلة التنمية والتحرير وكتلة الوفاء للمقاومة، لرفع الحصانة
عن الوزراء السابقين منذ العام 1992، وبالتالي كل الوزراء الذين تعاقبوا
على المسؤوليات سيذهبون إلى القضاء المختص. وتوجه نصر الله إلى القضاة
بالتمثل بالشهداء المضحين في سبيل البلد، والمطلوب منهم خطوات جريئة وشجاعة
والتصرف بصلاحياتهم والقوانين وامتلاك شجاعة عدم الخضوع لأي مرجعية سياسية
أو دينية، لمحاسبة المرتكبين، وسيكون معهم كل الشعب اللبناني.
وأعلن نصر الله، بصفته أمين عام حزب الله، وهو مرجعية وزرائه
ونوابه، ويشكل غطاءً في مكان ما لموظفين في الدولة أو رؤساء بلديات، أنه
يتوجه إلى مجلس القضاء الأعلى إذا كان لديه ملفات لمسؤولين في الحزب،
فليبدؤوا بهم، وقال: “لا تخافوا وأنا أضمن لكم تشجيع حزب الله لخطوتكم..
وليذهب القضاء إلى استدعاء نواب ووزراء ومسؤولي حزب الله، إذا كانوا
متورطين بملفات فساد، وأنا أضمن رفع الحصانة عنهم إلى حين إقرار قانون رفع
الحصانات”. ولفت نصر الله إلى أن الالتفاتة إلى وجع الناس مرهونة بالقضاء،
لأنه هو المسار السليم، ولا يجب العمل في ملفات الفساد على قاعدة 6 و6
مكرر، لأن الفاسد كما العميل لا طائفة له.
أميركا أصل الداء
وعن
الوضع الاقتصادي، اعتبر نصر الله أن هناك سياسات أميركية تمنع على لبنان
استعادة عافيته، ويخرج من مأزقه المالي والاقتصادي، وأن هذه السياسات تعمل
على تعميق مأزق لبنان المالي والإقتصادي. وحمّل الأميركيين مسؤولية ما
يجري، كونهم يقفلون العديد من الفرص أمام لبنان، من بينها الشركات الصينية،
التي حسب قوله أبدت استعدادها للاستثمار بمليارات الدولارات في لبنان،
وإنشاء مشاريع إنتاجية مهمة، وهذا ما يحرك عجلة الإنتاج ويخلق فرص عمل
جديدة. وأشار نصرالله أن هذا المنع الأميركي حصل أيضاً مع رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوقف العلاقة التجارية الإسرائيلية مع الصين.
ودعا نصرالله إلى عدم الرضوخ أمام الأميركيين وإلى التعاون مع الصينيين.
وتحدث أيضاً عن الشركات الإيرانية، التي حسب قوله أبدت استعدادها أيضاً للاستثمار في لبنان، ولكن الأميركيين هم الذين يمنعون ذلك، كما يرهبون العالم من القدوم إلى لبنان والاستثمار فيه، بذرائع الوضع الأمني: “بينما لبنان وضعه أفضل من الولايات الأميركية أمنياً”. ولم ينس نصر الله العقوبات وآثارها السلبية على الوضع الاقتصادي اللبناني، واصفاً هذه العقوبات بأنها على لبنان وليست على حزب الله، وهدفها إحداث الفتنة بين اللبنانيين وخلق صراع بين فئات المجتمع اللبناني.. لأن “أموال حزب الله ليست في المصارف”. وشدد نصر الله على وجوب تنشيط القطاع الزراعي والصناعي، لأن الاستمرار بسياسة الاستدانة ستذهب بلبنان من عجز إلى عجز.
وطرح نصر الله “لإنقاذ البلد، أن يتم الانفتاح على سوريا والعراق، والاستفادة من معبر البوكمال لتصدير الإنتاج الزراعي اللبناني إلى الشعب العراقي بفعل العلاقات الجيدة بين لبنان والعراق، مطالباً بحكومة سيادية تملك شجاعة موقف يقول للأميركي إن هذا القرار أو ذاك يتعارض مع المصلحة اللبنانية. وجدد اتهامه للأميركيين بأنهم يعرقلون ملفي النفط والغاز وترسيم الحدود.
ودعا اللبنانيين إلى الوعي، معلقاً على كلام وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، واصفاً إياه بالكلام الوقح حول “إنقاذ لبنان من الفساد الذي جاءت به إيران إلى لبنان”، معتبراً أن الفساد الموجود في لبنان هو بسبب حلفاء الأميركيين وأصدقائهم. ورداً على كلام بومبيو أنه يجب تقديم المساعدة لتخليص اللبنانيين من النفوذ الإيراني، قال نصر الله: “لهذا السبب حذرت مسبقاً من ركوب الموجة. وهذا يتجلى بكلام بومبيو الذي لا يرى إلا معركته هو مع النفوذ الإيراني”. وفسّر نصر الله كلام بومبيو عن تخليص لبنان من النفوذ الإيراني، أن المقصود به “المقاومة”، وقطع يدها. مشدداً على وجوب الحفاظ على قوة الشعب اللبناني ومنع الذهاب إلى الفراغ أو الفوضى أو الحرب الأهلية، وتوجه إلى جمهور المقاومة، بضرورة الوعي والفهم والبصيرة.
المدن