لسيطرة كاملة على السكّري!
يُعتبر السكري أحد أكثر الأمراض شيوعاً التي تُصيب الملايين في جميع أنحاء العالم حالياً. إنه يرتفع بوتيرة سريعة جداً بسبب نمط الحياة السيئ الذي يغزوه التصنيع، وتغيير العادات الغذائية، وارتفاع معدل انتشار البدانة. وفي اليوم العالمي للسكري، الذي يُصادف في 14 تشرين الثاني، ما أبرز التوصيات للسيطرة على معدل السكر في الدم والتصدّي لأي تعقيدات؟
أوضحت اختصاصية التغذية عبير بيضون، لـ«الجمهورية»، أنّ «السكري عبارة عن مرض مرتبط بهورمون الإنسولين الذي يفرزه البنكرياس، والذي تكمن وظيفته بتخزين السكر المستهلك من الطعام وإعادة إدخاله إلى خلايا الجسم لاستخدامه كمصدر للطاقة. لكن عندما يعجز البنكرياس عن إفراز الإنسولين بما فيه الكفاية يتعرّض الشخص للسكري من النوع الثاني، أمّا غيابه كلياً فيُشير إلى السكري من النوع الأول».
وأشارت إلى أنّ «نحو 95 في المئة من الأشخاص يشكون من النوع الثاني من السكري، وبالتالي بدلاً من أن يقوم الإنسولين بإدخال السكر إلى الخلايا لاستخدامه كطاقة، فإنه يتراكم داخل الدم مُسبِّباً ارتفاعاً في مستويات السكر. وفي حين أنّ كل إنسان معرّض لهذا الداء، إلّا أنّ الأشخاص الأكثر عرضة للسكري من النوع الثاني هم أصحاب الوزن الزائد، أو البدناء، أو الذين لديهم تاريخ عائلي للمرض».
وكشفت أنّ «أعراضاً كثيرة يمكن أن تنتاب الشخص قبل تشخيصه بالسكري مثل العطش الشديد، والتبوّل بكثرة، والشهيّة على الأكل خصوصاً الحلويات، والتعب، وعدم الرؤية بوضوح، وأوجاع في أطراف اليدين والقدمين. أمّا في ما يخصّ العلاجات، فهي ترتكز على أدوية تؤخذ عن طريق الفم أو الاستعانة بحقن الإنسولين. وفي حال عدم الامتثال إلى العلاج الصحيح، تظهر مجموعة تعقيدات جدّية تشمل مشكلات في العيون، وأمراض الكلى، وبتر أطراف اليدين والقدمين، وأمراض القلب، والموت المُبكر».
غذاء متوازن تماماً
وشدّدت بيضون على أنّ «العلاجات التي يصفها الطبيب لمريض السكري يجب أن تكون مُصاحبة بنمط حياة صحّي مرتكز تحديداً على نظام غذائي متوازن بشكل جيّد. من هنا أهمّية أن يقوم الطبيب بتحويل المريض إلى خبير التغذية لتعلّم أصول الأكل الصحيح، بغية السيطرة الكاملة على معدل السكر في الدم».
وقالت إنه «على مريض السكري معرفة أنواع النشويات التي يمكنه اختيارها، من الحبوب، والخضار، والبقوليات، ومنتجات القمح الكاملة وغيرها من الأطعمة الغنية بالألياف التي تساعد على التحكم أكثر في السكر في الدم، وتضمن الشبع والرضا بطريقة أسرع، وتضمن استقرار حركة الأمعاء. وعندما يتعلّق الأمر بالدهون، يجب اختيار الأنواع الجيدة، وليست المشبعة، الموجودة مثلاً في السمك والمكسرات والبذور والأفوكا وزيت الزيتون، شرط الالتزام بالكمية المسموحة لكل شخص والتي ترتبط بالوزن والطول والهدف المرجو. كذلك يجب الحصول على مصدر جيّد للبروتينات مثل اللحوم غير الدهنية، وصدر الدجاج، والسمك، وأيضاً البقوليات والحبوب».
تقسيم الوجبات على مدار اليوم
ودعت بيضون كل مريض سكري إلى «تقسيم وجباته على مدار اليوم، فيأكل تقريباً مع مرور كل ساعتين بحيث يحصل على فطور مؤلّف من النشويات والبروتينات والدهون الجيّدة والخضار، مثل توست أسمر مع جبنة خالية من الدسم وبندورة وخيار وحبتين من الزيتون، ويتناول بعد ساعتين حصّة من الفاكهة، وعلى الغداء طبقاً مؤلّفاً خصوصاً من الخضار تليها النشويات (بطاطا أو فريكه أو برغل) والبروتينات (ستايك أو دجاج أو سمك). وبعد مرور ساعتين يمكنه استهلاك حصة أخرى من الفاكهة أو سناك صحّي، وصولاً إلى العشاء المهمّ جداً خصوصاً لمَن يحصل على الإنسولين لضمان عدم هبوط السكر في الدم قبل خلوده إلى الفراش. علماً أنّ الوجبة المسائية يجب أن تتألف أيضاً من النشويات التي تُعتبر أساسية حتى لمرضى السكري، وليس كما يُشاع بأنها تضرّه، شرط التعامل معها بطريقة مدروسة لمنع حدوث ارتفاع شديد للسكر في الدم».
الإنسولين والكربوهيدرات
وتطرّقت بيضون تحديداً إلى المرضى الذين يتلقون حقن الإنسولين، فأوصَتهم بـ«تعلّم احتساب الكربوهيدرات التي تُعتبر المصدر الرئيس للطاقة. فعند الحصول على الإنسولين، يجب احتساب كم غرام من النشويات يُلائم المريض، وعلى أساس ذلك يتم توزيع وحدات الإنسولين التي يجب حقنها. إنها أساسية لأنه في حال المبالغة في الإنسولين سيهبط السكر في الدم، أمّا في حال تلقّي الإنسولين بجرعة أقل من النشويات المستهلكة، فإنّ السكر سيبقى عالياً جداً في الدم».
وأنهت حديثها مؤكدةً أنّ «قياس معدل السكر في الدم قبل بدء الأكل وبعده بساعتين أمر لا مفرّ منه، جنباً إلى اتّباع عادات أكل صحّية وحمية متوازنة تتضمّن كل المغذيات لتوفير الشبع والرضا، وفي الوقت ذاته السيطرة على السكر في الدم».