الثلث المعطّل يؤجّل التأليف.. والراعي يهاجم المعرقلين “أعداء لبنان”
منطق المحاصصة هو السائد ضمن الفريق الواحد الذي بات همّه مَن يسجل هدفاً في مرمى الآخر، ومَن يحقّق على حساب مَن مزيداً من الشروط في هذه المرحلة التي لا تحتمل مثل هذا التناتش الحكومي والسلطوي الذي يقضي على ما تبقّى من فرص لإنقاذ لبنان من محنته المعيشية والمالية والاقتصادية والاجتماعية.
وفيما العقوبات من بريطانيا وقبلها من الولايات المتحدة الأميركية وربما بعدها؛ تنهك الوضع اللبناني، وفيما الهدر والفساد والتلطي وراء شعارات الإصلاح لارتكاب المزيد من الضرر بحق الدولة ومؤسساتها وماليتها، وفيما يتعرض القطاع المصرفي لهجوم متعدد الأطراف تحت شعارات مغلّفة بعناوين اجتماعية، يتّضح أن الفريق الحاكم همّه الوحيد الثلث المعطّل وجنس الحكومة ووزرائها وحقائبها ومحاصصتها.
وبينما يقع لبنان على فالق الزلازل والصراعات الاقليمية والدولية، وبين مطرقة الولايات المتحدة والسندان الايراني، تعيش الفئة السياسية التي تتحكم بمسار التأليف في عالمٍ آخر منفصل عن مآسي الشعب اللبناني وواقعه وتطلعاته وهمومه وما يريده من أبسط الحقوق، وفي انفصالٍ آخر عمّا يجري في المنطقة من تطورات سوف ترتد بشكل أو بآخر على لبنان بالمزيد من الصعوبات.
وعليه فإن الأجواء لا توحي بأن الأمور ذاهبة باتجاه حكومة قادرة على مواجهة كل هذه التحديات الصعبة والقاسية، رغم أن حزب الله عاد ليتدخل بشكل مباشر للجم التفلّت الحاصل ضمن الفريق الواحد في ما يتعلق بالحكومة، التي من الواضح أنها سياسية بامتياز بصرف النظر عن التسميات والاختصاصات والشخصيات التي ستكون فيها.
وعلمت “الأنباء” من مصادر في كتلة “التنمية والتحرير” أن الخلافات التي برزت في الساعات الأخيرة بما يخص توزيع الحقائب بين القوى السياسية المعنية “هي من الأمور العابرة التي يمكن معالجتها”، كاشفة أن “الخليلين وبتكليف من الرئيس نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله دخلا على خط المساعدة لحلحلة العقد، خاصة بعد مطالبة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بوزيرين، مع الاشارة إلى أن ما ظهر من خلافات لم يتم التطرق اليه في لقاءات بري مع كل من رئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل والرئيس المكلف حسان دياب في لقاءات عين التينة”، وذكرت المصادر أن “التصوّر الذي قُدم له يفيد أن مشاورات التأليف تسير وفق الخطة المرسومة لها”.
وتشير المصادر عينها إلى أن الخلافات التي ظهرت “تتطلب مرونة وتقديم تنازلات من قبل الجميع”؛ وأن كتلة التنمية والتحرير “لا مانع لديها من إعطاء فرنجية حقيبة ثانية شرط أن لا يشكل هذا الأمر عقدة خلافية، كما أنها لا مانع لديها من زيادة عدد الوزراء في الحكومة الى 20 او 24 وزيراً لإرضاء الجميع”، لكن دياب متشدّد في هذا الموضوع ويصر على حكومة من 18 وزيراً، واعتبرت ان الخلافات بين دياب والرئيس ميشال عون حول بعض الحقائب “يمكن معالجتها بالتفاهم بينهما”. إلا أن المصادر شددت على أن موقف الكتلة هو “ضد إعطاء الثلث المعطل لأي جهة في الحكومة، خاصة وأنها حكومة الفريق الواحد”.
وفيما ينتظر أن يعلن رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية موقفًا بما يتعلق بشروطه حول المشاركة بحقيبتين، رفضت مصادر في المردة التعليق على الأمر تاركة اعلان الموقف للوزير فرنجية الذي أرجأ المؤتمر الذي كان متوقعا اليوم الى وقت لاحق.
بالتزامن كان لافتاً كلام البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي قال أمس إن “كل من يعرقل ولادة الحكومة المنتظرة يمعن في إغراق لبنان أكثر فأكثر في أزمته المالية والاقتصادية بشكل يحول دون خروجه منها. بأسلوبهم هذا إنما يعادون الشعب اللبناني الذي يهاجر، ويعادون لبنان ومؤسساته. إنني أسميهم أعداء لبنان”.
في المقابل علّق مصدر نيابي في التيار الوطني الحر عبر “الأنباء” على ما وصفها “بمحاولات البعض ابتزاز التيار وفرض شروطهم عليه في وقت أحوج ما يكون الجميع للاسراع بتشكيل الحكومة بدل العرقلة”، فاعتبر أن من “حق التيار ورئيس الجمهورية أن يتمثلا بغالبية الوزراء المسيحيين”، واصفًا مطالبة فرنجية بحقيبة ثانية “بغير المنطقية قياساً لحجم التيار الوطني الذي يفوق بأضعاف تمثيل تيار المردة”، مؤكداً ان “التيار” لن يتساهل في هذا الموضوع “حتى ولو أدت الخلافات الى التأخير لبعض الوقت بإعلان التشكيلة الحكومية”.