فوضى الشارع تسابق الانهيار… والحكومة تنتظر عملية قيصرية
لا شيء يتصدّر اهتمامات اللبنانيين سوى انفلات الشارع ومشاهد المواجهات في بيروت التي تتكرر وتتنقل من مكان الى آخر؛ وتنذر بالأسوأ اذا ما استمرت الأمور على ما هي عليه، فالتعقيدات تزداد والضغوط المالية والاقتصادية والنقدية والمعيشية تكبر، فيما حتى الساعة تتوقف البلاد عند تناتش الحصص والحسابات السطلوية؛ والخاسر الأكبر لبنان دولة وشعباً.
ومع غليان الشارع؛ فإن القطاعات العامة المنهكة أصلاً بالهدر والفساد والمحسوبيات والمذهبية؛ ومعها القطاع الخاص المثقل تحت وطأة الأزمة الاقتصادية؛ باتت جميعها عرضة للانهيار بفعل إمّا سوء الادارة من السلطة؛ أو بفعل التخريب الذي يطالها في الاحتجاجات، والأخطر جنوح البعض تحت مسمّى “العنف الثوري” إلى احتمالات أكثر قساوة؛ فيما هناك عمليات تصفية حسابات تتظلل التحركات الشعبية، أما المسؤولون المعنيون فهم في غياب تام عما بلغته خطورة الاوضاع يغرقون في المهاترات والتشاطر؛ دون أن يلتفتوا إلى ما حذّر منه المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش من “الفوضى الخطيرة”.
وبينما علّق رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري على الاشتباكات وسط بيروت، قائلاً انها “مشهد مجنون ومشبوه ومرفوض، يهدد السلم الأهلي وينذر بأوخم العواقب ولن تكون بيروت ساحة للمرتزقة والسياسات المتعمدة لضرب سلمية التحركات الشعبية”، داعيا القوى العسكرية والأمنية إلى “حماية العاصمة ودورها وكبح جماح العابثين والمندسين”؛ طلب رئيس الجمهورية ميشال عون من وزيري الدفاع والداخلية والقيادات الامنية المعنية المحافظة على امن المتظاهرين السلميين ومنع اعمال الشغب وتأمين سلامة الاملاك العامة والخاصة وفرض الامن في الوسط التجاري.
وقد ردت مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير عبر “الانباء” على تصريح الحريري الذي اتهم “جهات معروفة” بتخريب العاصمة واستهداف الممتلكات العامة والخاصة، بالقول انه “اذا كان الحريري يعلم بهذا المخطط فلماذا لا يكشف عن هوية هؤلاء المخربين؟”؛ سائلة عن الفائدة من توجيه الاتهامات بالجملة.
ورأت المصادر ان ما حصل في اليومين الماضيين من اعمال شغب “اصبح يضر بالانتفاضة؛ ولم يعد هناك حراك مطلبي بل تحول الى حراك تخريبي، فقد تمت الاساءة لكل شيء؛ والأمور ذاهبة باتجاه الأسوأ والبلد يلزمه معجزة لعودة الامور الى الهدوء”.
في الوقت نفسه استنكرت مصادر التيار الوطني الحر عبر “الانباء” المنحى السلبي للحراك الشعبي في الشارع في اليومين الماضيين أكان في محيط مصرف لبنان او بمحيط مجلس نواب في الوسط التجاري، معتبرة ان هذه التطورات السلبية هي التي استدعت رئيس الجمهورية للمطالبة بحماية المؤسسات العامة والخاصة وحماية التظاهرات السلمية من الخروقات التي تتعرض لها من قبل بعض المغرضين الساعين لتشويه صورتها.
حكوميا؛ ثمة مساعي جدية لإخراج الحكومة خلال ساعات او يوم الاثنين كحد أقصى؛ لكن مصادر تكتل “لبنان القوي” قالت عبر “الانباء” ان “التيار مستعد لتقديم التنازلات المطلوبة منه بما يساعد على انضاج التشكيلة الحكومية في الساعات المقبلة او يوم الاثنين على أبعد تقدير”، مشيرة الى ان معظم العقد التي ظهرت قد حُلَّت باستثناء مطالبة تيار المردة بوزيرين. ورأت المصادر أن تشكيل الحكومة هو الذي يجب أن يساهم قي تبريد الشارع.
وفي السياق الحكومي كذلك، أكدت مصادر عين التينة عبر “الانباء” أن المساعي جارية على قدم وساق لحلحلة العقد والتي أقرت أيضاً أنه لم يعد هناك سوى عقدة المردة.
وغمزت المصادر من قناة الوزير جبران باسيل الذي فضّل الذهاب إلى اللقلوق بدل التواصل لمعالجة العراقيل، كما وكأن الأمر لا يعنيه. وفيما خصّ حقيبة الصناعة أكدت المصادر ان “حزب الله حسم الأمر بإعطائها للوزير الدرزي”، وأما في ما يتعلق بموقع نائب رئيس الحكومة “فسيؤول إلى أمل حداد بعدما اشترط الحزب السوري القومي الاجتماعي ان تكون حداد وزيرة؛ او حجب الثقة عن الحكومة”.
وأما عن اعتذار طلال اللاذقي عن المشاركة في الحكومة، اعتبرت المصادر أن هذا الأمر ربما يكون مرتبطاً بدار الفتوى وطرح اسم بسام برغوث، مع الاشارة الى ان دار الفتوى تؤكد انها لا تتدخل بهذا الامر.
وتمنّت المصادر لو يقبل الرئيس المكلف حسان دياب برفع عدد الوزراء في حكومته الى20 للمساهمة في حل بعض العراقيل، معتبرة انه لو تمت الموافقة على السير بحكومة تكنوسياسية لوفّرنا الجدل القائم في البلد.
وفي ظل المراوحة القائمة، علمت “الأنباء” أن الثنائي الشيعي يضغط على التيار الوطني الحر والرئيس دياب من أجل إنضاج التشكيلة الحكومية في الساعات المقبلة، وإلا فإننا ذاهبون نحو أزمة كبيرة إذا لم تولد الحكومة يوم الاثنين وحينها ستصل الأمور إلى ما لا تحمد عقباه.
الأنباء