معوض ترأس قداسا في ذكرى رحيل روبير غانم: تميز بالنبل والاعتدال وسداد الرأي
أحيت عائلة الوزير والنائب السابق الراحل روبير اسكندر غانم، ذكرى مرور سنة على غيابه، بقداس وجناز أقيم في كنيسة مار جريس في بلدته صغبين، ترأسه مطران زحلة والبقاع للموارنة جوزيف معوض بمعاونة لفيف من الآباء والكهنة، وفي حضور أرملة الراحل فيفيان غانم وعائلته.
شارك في القداس عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب وائل أبو فاعور، نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، الوزير السابق جمال الجراح، النواب السابقون انطوان سعد، أمين وهبي وناصر نصرالله، القيادي في “الحزب التقدمي الاشتراكي” وهبي أبو فاعور وفاعليات وحشد من الأهالي ومن أصدقاء الراحل.
المطران معوض
وألقى معوض عظة استهلها بالقول: “تحتفل الكنيسة في هذا الأحد، ببداية زمن الصوم الكبير الذي يمتد حتى أحد الشعانين، ثم يستكمل في أسبوع الآلام وصولا الى عيد القيامة. في هذا الزمن تلتزم الكنيسة بالصوم على مثال السيد المسيح الذي صام أربعين يوما قبل أن يبدأ رسالته العلنية. والصوم لنا نحن المؤمنين، هو وسيلة روحية فعالة تسهم في تنقيتنا من الخطيئة والأنانية، وفي طواعيتنا لإرادة الله، ومحبتنا للقريب عبر المصالحة والتضامن، وفي وقايتنا من الشرور الزمنية والروحية المحدقة بنا، وتؤهلنا للاشتراك في الفرح الدائم في الملكوت”.
أضاف: “في هذا الأحد، وبمناسبة مرور سنة على وفاته، نقدم الذبيحة الالهية لراحة نفس المرحوم الوزير والنائب السابق روبير غانم، الذي ترك غيابه غير المتوقع فراغا كبيرا في نفوس محبيه وفي المجتمع اللبناني”.
وتابع: “تسلم المرحوم روبير إرث الإيمان والأخلاق والعلم والوطنية في البيت الذي نشأ فيه، وهو بيت والده المرحوم العماد اسكندر غانم القائد السابق للجيش، العصامي والمتسلح بالروح الوطنية، ووالدته المرحومة لوريس الخوري، الزوجة والأم الشاهدة للايمان والقيم الانسانية. فتهيأ لمسيرته المهنية والعائلية والسياسية، مع شقيقه العميد الركن في الجيش أسعد ومدير عام الجمارك سابقا، وشقيقه المدير جوزف الذي تولى الإدارة العامة في شركات أميركية. نال الشهادات العليا في القانون، وزاول المحاماة، وبرع فيها، فكان محاميا ومستشارا لرجال الأعمال، ولشركات كبيرة لها مصالحها في البلدان العربية والأوروبية والأميركية. أسس عائلة مع شريكة حياته السيدة فيفيان بيار حداد، الصحافية في صحيفة L’Orient-le jour. فكانت الى جانبه في مسيرة الحياة ولاسيما في نشاطه الاجتماعي والسياسي. تعاونا في رسالة التربية تجاه أولادهما، ووفرا لهم العيش الكريم والعلم، وطابا خاطرا بهم عندما رأياهم ينطلقون في الحياة، وينخرطون في مجال العمل، وينشئون العائلات.
خدم المرحوم روبير غانم الشأن العام بما تميز به من معرفة للقانون، فأسندت اليه مهام متنوعة، ومنها تعيينه مستشارا قانونيا في البرلمان اللبناني، وفي وزارتي التربية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وتعيينه أمين السر للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان. انتخب نائبا عن الأمة سنة 1992، وأعيد انتخابه بصورة متواصلة حتى عزوفه عن الترشح في الانتخابات الأخيرة، سنة 2018. فشرع، وساءل، وعمل في لجان برلمانية مختلفة، وخصوصا في لجنة العدل والادارة التي ترأسها، وفي المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وخدم الوطن في مجلس الوزراء، عندما أصبح سنة 1995 وزيرا للتربية والشباب والرياضة، فانكب على تحديث النظام التربوي وتطوير كتاب التربية المدنية، وأبدى اهتمامه بانتظارات الشباب ومشاكلهم، وبدورهم في الوطن، عبر لقاءاته معهم في الجامعات، وفي محاضراته ومبادراته.
وظف كفاءته القانونية والعلمية وخبرته الطويلة في الشأن الوطني والعام في خدمة الكنيسة، فشارك في اللجنة القانونية للمركز الماروني للتوثيق والأبحاث التابع للبطريركية المارونية، وكان داعما لهذه الأبرشية، ومشاركا في احتفالاتها ولقاءاتها، ان في صغبين، البلدة العزيزة، أو في المطرانية. المرحوم روبير غانم شخصية لبنانية تميزت بالنبل والثقافة القانونية والتشريع، والاعتدال، والعلاقات المتزنة مع مختلف الفئات، ورجاحة الفكر، والحكمة في السياسة، وسداد الرأي، وهدوء الطبع ورفعة النفس. نقدم من أجله هذه الذبيحة الالهية ايمانا منا بأنها تعبر عن التضامن الروحي بين الأحياء والأموات، وبأنها تمده بمعونة روحية ليشارك الله في مجده الأبدي. على هذا الرجاء أتقدم بالتعزية الى زوجته السيدة فيفيان والى أبنائه وعائلاتهم، والى شقيقيه وعائلتيهما، وكل الأنسباء والمحبين”.
وختم معوض: “ان زمن الصوم الكبير الذي فيه نتخلى عن مباهج العالم، يذكرنا اننا نجد حياتنا وسعادتنا في الله وحده، وفقا لقول القديس أغوسطينوس: “خلقتنا لك يا الله، وقلبنا لن يستريح حتى يستقر فيك”. نسأل الله ان يجعل من هذا الزمن زمن توبة وعودة اليه، وتجديد المحبة للقريب، وان ينقذ وطننا من ضيقه، ويلهم المسؤولين فيه بالتجرد عن الذات، للعمل من أجل الخير العام.
اليومية – عارف مغامس