جبهة مُعارضة موحّدة قريباً… ما المطلوب منها؟
على رغم تحفظات الثوار على كونها لا تلبي مطالبهم المحقة لجهة ضرورة تشكيل فريق عمل من الاختصاصيين القادرين على انتشال لبنان من أزمته الاقتصادية الراهنة، تقتضي الموضوعية الاعتراف بأن حكومة الرئيس حسان دياب تشكل تجربة فريدة في مجال الحكم وإدارته في لبنان. ذلك أنها تعد واحدة من الحالات النادرة التي تخلى فيها أركان الطبقة السياسية عن معادلة “حكومات الوحدة الوطنية”، فتركوا للأكثرية النيابية تأليف حكومة تناسبها على أن تواجه معارضة يعد أطرافها بأن تكون شرسة، حرصا على مصلحة المواطن، وفي ومحاولة لتأكيد التماهي مع مطالب المنتفضين في الشارع. وفي السياق، ذكّرت مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية” بأن ملامح جدية إلى احتمالات تكوين جبهة معارضة موحدة في وجه الحكومة ورئيسها، ومن ورائها الدائرون في فلك العهد، بدأت تتكون في الأفق، بدليل أن زعيم تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري طوى صفحة التسوية مع التيار الوطني الحر إلى غير رجعة، في وقت لا ينفك حليفاه التقليديان، الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، يراكمان الاشارات المناوئة للعهد والمحسوبين عليه. غير أن المصادر تنبه الأفرقاء المعارضين إلى أن صب الجهود لرص الصفوف بشكل جدي لا يكفي وحده لاستعادة التوازن السياسي المختل. ذلك أن واجب المعارضة، المفترض أنها تحمل صوت الناس والثوار إلى المؤسسات الدستورية، أن تبادر إلى ممارسة الضغط على مجلس النواب ورئاسته لعقد جلسات مساءلة ومحاسبة تمارس من خلالها المعارضة دورها الأول، على مرأى من الرأي العام، لكي يتمكن هو الآخر، من استخدام سلاح المحاسبة في صناديق الاقتراع. غير أن الأهم، في رأي المصادر، يكمن في أن المعارضة يجب أن تكون حاضرة وفاعلة في المرحلة المقبلة لمنع تكرار الأخطاء الشنيعة التي ارتكبت في المرحلة السابقة، وقادت البلاد إلى الانهيار الذي تعانيه اليوم. ولا تجد المصادر أفضل من سلسلة الرتب والرواتب مثلا للإضاءة على هذا الواقع. ذلك أن مختلف مكونات الطبقة السياسية التي كانت حاضرة في الحكومة كما في مجلس النواب أقدمت على إقرار هذه السلسلة قبل تأمين موارد تمويلها للأسباب الانتخابية المعروفة، متجاوزة صرخة الهيئات الاقتصادية والقطاع المصرفي، علما أن العارفين بالشؤون الاقتصادية كانوا قد طرحوا تقسيطها على ثلاث سنوات، لتجنب مرارة كأس استنزاف مالية الدولة وانهيارها التام. اقتراح رفضته السلطة آنذاك للأسباب الانتخابية المعروقة مفضلة ضرب القدرة الشرائية بسلة من الضرائب، وإطلاق اتهامات “الشعبوية” في اتجاه المعارضة ورمي كرة نار الأزمة الاقتصادية على القطاع المصرفي، علما أنه من بين الأفضل في المنطقة. وتلفت المصادر إلى أن الأسباب الانتخابية عينها دفعت أركان السلطة إلى توظيف 5500 موظف في إدارات الدولة ومؤسساتها بشكل مخالف لقانون السلسلة الذي منع التوظيف في القطاع العام لتخفيض إنفاق الدولة. ملفات كبيرة تبدو الحكومة أمام معضلة معالجتها، والمعارضة أمام واجب الرقابة الصارمة للإنطلاق الفعلي نحو الاصلاح والتغيير ومكافحة الفساد.