صراع “القوات” و”الوطني الحر” يتجدّد باتهامات الفساد
تجدّد الصراع السياسي بين المكونين المسيحيين الأقوى “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، انطلاقاً من الاتهامات المتبادلة والتصويب سلباً على أداء وزراء الطرفين في الحكومات السابقة، بينما تراجع التراشق على خلفية ملفات وخيارات سياسية.
وتقدّم عضو “تكتّل لبنان القوي” النائب زياد أسود، بإخبار لدى النيابة العامة التمييزية ضد وزير العمل السابق كميل أبو سليمان (القوات اللبنانية)، اعتبر فيه أن الأخير “اتخذ قرارات خالفت القوانين وتسببت بإهدار المال العام، من خلال إعفاء العمال المصريين من الرسوم والضرائب، وهو ما حرم خزينة الدولة من مبالغ مالية ضخمة، وتسبب في منافسة غير مشروعة للعمال اللبنانيين”. وردّ الوزير السابق كميل أبو سليمان، في بيان مفصل على الإخبار المقدم من النائب أسود، مؤكداً أن القرارات التي اتخذها في وزارة العمل “جاءت منسجمة مع القانون، وأيدتها هيئة التشريع والاستشارات القضائية”، لافتاً إلى أن “التسهيلات التي قدمت للعمال المصريين، جاءت منسجمة مع اتفاقية التعاون بالمثل الموقعة بين وزارتي العمل اللبنانية والمصرية، وانعكست إيجاباً على اللبنانيين العاملين في مصر”.
وفيما تتسّع مساحة الخلافات بين الطرفين، بلغت ذروتها مع استقالة وزراء “القوات” من الحكومة السابقة، قبل أيام من استقالة سعد الحريري غداة انطلاق الانتفاضة الشعبية، اعتبرت “القوات اللبنانية” أن الاستهداف المتجدد الذي يطال وزراءها، يأتي في سياق حروب الإلغاء التي يشنها هذا الفريق عليها منذ 3 عقود”.
واعتبر عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب وهبة قاطيشا في تصريح لصحيفة “الشرق الأوسط”، أن “حروب التيار على “القوات” لم تتوقف منذ 30 عاماً، لكن ما تغيّر فيها نوع الأسلحة الذي يستخدم في هذه الحروب”. وقال “في عام 1990 حاربونا بالسلاح والقوة العسكرية، واليوم يحاربوننا بسلاح إفلاسهم وتركيب ملفات باطلة في حق وزرائنا، معتقدين أن حروبهم ضدّنا تعطيهم مصداقية، لكننا لا نقيم لهم وزناً ولا نحسب لهم أي حساب”.
ورغم “تفاهم معراب” الذي وقعه العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع في كانون الثاني 2016. وطوى صفحة الصراعات بين الطرفين التي دامت 26 عاماً ومهّد لانتخاب عون رئيساً للجمهورية، سرعان ما عاد الانقسام إلى ما كان عليه، في الأسابيع الأولى لحكومة العهد الأولى، بعد إصرار رئيس “الوطني الحر” النائب جبران باسيل، على الاستئثار بحصة المسيحيين في المراكز الأمنية والعسكرية والقضائية والدبلوماسية وفي إدارات الدولة، وفق ما يقول خصومه، وانسحب هذا الوضع على علاقتهما في حكومة العهد الثانية. وشدد قاطيشا على أن “السبب الرئيس لهذه الخلافات، هو إصرار وزراء القوات اللبنانية على كشف فساد التيار الحر في الدولة، حيث كانوا يريدون منّا أن نغضّ النظر عن هذا الفساد”. وسأل: “هل يوجد فريق سياسي في لبنان على علاقة جيدة مع التيار الحرّ، باستثناء فريق واحد يغطي فسادهم مقابل السكوت عن سلاحه (حزب الله) وهيمنته على القرار السيادي في البلد؟”. واعترف قاطيشا بأن “كل خطوط التواصل مقطوعة مع فريق لا يمتلك الأخلاقية الوطنية، ولا يقيم وزناً لأي عهد أو ميثاق أو اتفاق”.
ويأتي تجدد الاتهامات بين الطرفين نتيجة تراكمات، ورفض كل منهما لمقاربة الآخر في معالجة الكثير من الملفات، وعبّر مصدر في التيار الوطني الحر، عن استغرابه لأن “القوات اللبنانية لا تفتح النار إلا على التيار وأدائه، وتتناسى أطرافاً أخرى غارقة في الفساد”.
وأوضح المصدر لـ”الشرق الأوسط” أن “التيار ليس مسؤولاً عن السياسات المالية المعتمدة منذ 30 عاماً، بينما تصر القوات على تحميل التيار وزر كل هذه الأزمات”. وقال: “يتهموننا بالفساد في ملف الكهرباء، ونحن نطالبهم بأن يذهبوا إلى القضاء لتقديم مستنداتهم، وسنكون تحت سقف القانون ونخضع للمحاسبة”. وأضاف المصدر “لماذا يصوبون على ملفات يتسلمها التيار، ويتناسون فساد حلفائهم في الملفات الأخرى، حيث مغارة علي بابا؟”
الشرق الأوسط