هل يلجُم تعميم مصرف لبنان “فلتان سعر صرف الدولار”؟
بعد القفزة السريعة في سعر صرف الدولار في السوق الموازية، والتحرّكات الشعبية الغاضبة التي رافقت تجاوزه عتبة الـ2700 ليرة، تحرّك مصرف لبنان مجددًا امس، في محاولة للجم الفوضى، وأصدر تعميمًا قضى بإلزام الصيارفة بعدم شراء الدولار بما يتجاوز نسبة الـ30 % من سعره الرسمي، (حوالى 2000 ليرة).
هذا التعميم جاء في أعقاب اتفاق سابق بين المركزي والصيارفة لضبط سعر الدولار على 2000 ليرة. لكن الاتفاق لم يصمد في حينه اكثر من بضعة ساعات، لتظهر لاحقًا سوق سوداء ثالثة، جرى تداول الدولار فيها بسعر يفوق السعر المحدّد في الاتفاق. وانتهى الامر بسقوط الاتفاق.
هذا الواقع، لا يبدو مختلفًا هذه المرة، رغم قوننة القرار، من خلال إصدار تعميم، إذ بدت السوق الموازية في حال فوضى، وجرى تداول الدولار في ساعات الصباح الاولى على سعر 2600 ليرة. ومن ثم ما لبث عدد من الصيارفة ان اغلق ابوابه لتحاشي الإرباكات. وفي فترة بعد الظهر تراجع سعر الدولار الى حوالى 2200 و2300 ليرة، وهو السعر الذي كان يدفعه الصيارفة لشراء الدولار، بما يعني عمليًا انّ الصيارفة لن يبيعوا الدولار بـ2000 وفق التعميم. وفي أحسن الحالات سيبيعون لاحقًا على سعر يتجاوز الـ2300، وفي اسوأ الحالات سيعمدون الى الإفادة من الظرف لشراء الدولار بسعر متدنٍ نسبيًا، ويمتنعون عن البيع حاليًا، بانتظار سقوط مفاعيل التعميم للبيع بأسعار مرتفعة وتحقيق ارباح خيالية، او سيلجأون الى البيع في السوق السوداء التي لا تخضع لمفاعيل التعميم.
وفي هذا السياق، وفيما اكّدت اوساط قريبة من مصرف لبنان لـ”الجمهورية”، انّ “التعميم ملزم للصيارفة، والمخالفون سيتعرّضون للملاحقات والمقاضاة، قال الخبير المصرفي جو سروع لـ”الجمهورية”، انّ التعميم “سيدفع الصرّافين الى الامتناع عن بيع الدولار، وقد يلتزمون بسعر الشراء، مما سيجعل السوق في اتّجاه واحد، للشراء فقط، وهذا الامر سيخلق بالتأكيد سوقاً ثالثة لسعر الصرف”.
وشدّد على انّ هذا التعميم لن يلجم فلتان سعر صرف الدولار، لأنّ العامل الوحيد الكفيل بلجمه هو عودة عمل القطاع المصرفي الى سابق عهده، “وهو أمر في غاية الصعوبة ويستغرق فترة طويلة”.
وحول “اليوروبوند” اعتبر سروع، “انّها ليست المرّة الاولى التي يواجه فيها لبنان استحقاقاً من هذا النوع في ظلّ ظروف ضاغطة بهذا الشكل، ولكنها المرّة الاولى التي يواجه هذا النوع من الاستحقاقات في ظلّ ضغوطات كبيرة يواجهها القطاع المصرفي، الذي بات يعمل في اتّجاه واحد اليوم، ولا يتلقى تدفقات جديدة”.
وقال: “إنّ التخلّف عن الدفع بطريقة غير منظّمة سيخلق أزمة كبيرة، كما اننا لا نملك الوقت لإعلان التخلّف بطريقة منظمة”.