“هيركات” يا حراميّة؟!
شهد لبنان، منذ انتهاء الحرب وحتى
اليوم، سلسلة مواجهات: بين من ناصر الوجود السوري ومن عارضه، وبين فريقَي 8
و14 آذار، وغيرها من المواجهات التي عاش بعضها لأشهرٍ أو لسنوات.المواجهة الأكبر في المرحلة المقبلة هي بين من يريد تغيير صورة لبنان الاقتصاديّة ومن يريد حمايتها.
هناك، من الطبقة السياسيّة التي فشلت
بغالبيّة وجوهها، من يريد تحميل مسؤوليّة ما وصلنا إليه الى حاكم مصرف
لبنان والمصارف، وبعض الوجوه المرتبطة بهما، مثل رئيس مجلس إدارة “الميدل
إيست” محمد الحوت، على سبيل المثال.
وهناك، أيضاً، من يروّج اليوم لفكرة
“الهيركات” كوسيلة لسدّ العجز وسداد الديون، وكأنّه لا يكفي ما مارسته
حكومات سابقة من هدرٍ وفسادٍ واستباحة لمرافق الدولة وثرواتها، من الأملاك
البحريّة و”جرّ”. ولا يكفي ما شهده قطاع الكهرباء من هدرٍ وسوء إدارة
متوارث. ولا تكفي الصفقات والعقود المشبوهة، ولا ما صُرف على المجالس
والصناديق والهيئات والجمعيّات، ومعظم هذه الأخيرة غائبة اليوم في زمن
كورونا، ورئيساتها، من زوجات السياسيّين، محرومات من استعراضات الخدمة بـ
“التايّورات”.
لا يمكن لـ “الهيركات”، مهما كان شكله، أن يمرّ. هذه جريمة سيُحاسَب عليها كلّ وزير يوافق على المشروع، وكلّ نائب يرضى بتشريعه. لا بل يجدر التشهير بأيّ وزير يسوّق لهذا المشروع الإجرامي الذي يذكّر بمشاريع التأميم البائدة، في وقتٍ يُحكى عن وزراء في هذه الحكومة يتحمّسون لـ “الهيركات”، ويمارس أحدهم سياسة استهداف حاكم مصرف لبنان بعد أن كان ينتظر سابقاً عند بابه، علّه يحظى بلقاء. إنّه زمن الكلام الكثير والكذب على الناس. في الأمس، قرأت تصريحاً لنائبٍ متنيٍّ سابق عجبت كيف انتخبه الناس يوماً. ثمّ تذكّرت بأنّ بعض الزعماء إن قالوا للناس انتخبوا هذه العصا لفعلوا.
“البطن بستان”، كان يُقال، والأحزاب والتكتلات أيضاً.
الاعتماد إذاً على حركةٍ نيابيّة تواجه الطامعين بودائع الناس، بدل البحث عن سبل إصلاحٍ أخرى ينتظرها المجتمع الدولي، وترفض المسّ بهويّة لبنان الاقتصاديّة، وتسعى الى إصلاحٍ يشمل الكهرباء والاتصالات والإدارات المهترئة والمستشفيات الحكوميّة التي تعاني، خصوصاً في هذه الأيّام، ولا تذهب الى تصفية حساباتٍ سياسيّة وخاصّة مع حاكم المركزي والمصارف.
“حراميّة البلد” في مكانٍ آخر. بعضهم لم يعد في السلطة، وبعضهم أصابه فيروس 17 تشرين وهو في الحجر، وبعضهم يناصر الـ “هيركات” ما دامت حساباته المصرفيّة في الخارج.
هؤلاء يستحقّون “هيركات” شعبي. والسياسيّون التافهون، مثل النائب المتني السابق، يحتاج الى “كات” للسانه…
MTV