زيارة جنبلاط لبعبدا بمبادرة من عون…هكذا تمّ التحضير لها من ألفها إلى يائها
أن تتزامن زيارة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط إلى بعبدا، عشية اللقاء الذي دعا إليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لعرض خطة الإصلاح المالي، لا يعني إطلاقًا أنّ الزيارة مرتبطة بالدعوة وإطارها، بل أنّ سلوكيات بعض مسؤولي “التيار الوطني الحر” في الجبل في الأسابيع الأخيرة، وإعادة نبش القبور من جديد، وما نتج عن ذلك من توتّر في صفوف القاعدتين السياسية والشعبية للفريقين، يكمن وراء هذه الزيارة. وكانت سبقتها اتصالات ولقاءات، فضلًا عن موفدين من بعبدا، نقلوا إلى كليمنصو رسالة رئاسية، برغبة رئيس الجمهورية في تصويب المسار، وفي لقاء يجمعه وجنبلاط تحت هذا العنوان، ودخلت على خط الوساطة شخصيات عقلانية، تتصف بحرصها على صون المصالحة وتنقيتها من شوائب البعض ، وهم من أطلق عليهم جنبلاط من بعبدا توصيف ” سعاة الخير”.
هذه الشخصيات عبّرت بدورها أمام جنبلاط عن استيائها الكبير من تلك الممارسات التي يقوم بها البعض داخل طائفتها، والتي انتقلت إلى مرحلة التحريض العلني ونبش صفحات الحرب وشحن النفوس وكيل الشتائم، من خلال منبر إلكتروني استُحدث مؤخرًا باسم “إذاعة الشوف المسيحية”. هذه الشخصيات وهي تستعرض أفعال البعض التحريضية تلك، وتشير إلى حجم مفتعليها، أتت على ذكر قداس دير القمر، لتنتقد كيف تمّ تحويره إلى فعلِ نبشٍ للماضي، بدل العمل لطيّ تلك الصفحات الأليمة، وأشادت بأداء جنبلاط الذي تعالى على تلك الممارسات، وأكدّت تقديرها لحرصه وصونه الدائم للمصالحة، ناقلة في الوقت نفسه حرص رئيس الجمهورية على رفض تلك الممارسات التي تسيء إلى الجبل وأهله.
الوفد اقترح حصول لقاء بين الرجلين، في الإطار والزمان الذي يرتضيه جنبلاط، في الجناح الخاص بالرئيس عون، وإذا شاء أن يكون سرّيًا فسيكون ذلك، ولكن جنبلاط الذي أبدى تجاوبًا مع الدعوة لم ير وجوبًا لحصولها بعيدًا عن الإعلام، أو في إي إطار خاص “فإذا كان عنوانها تصويب المسار لمصلحة البلد عمومًا والجبل خصوصًا فلا مشكلة لدينا، ونحن من الأساس لم نقفل أبوابنا، ولم نتهجّم وننكأ الجراح، ولا نريد منهم شيئًا. “
هل للتعيينات أي علاقة بالزيارة؟
لا علاقة للتعيينات بالزيارة، اللقاء أطاره المركزي هو وحدة الجبل وصون عيشه، أمّا التعيينات فلم تُطرح في اللقاء، وبالأساس أجاب جنبلاط زائريه ومنهم وزيرة الدفاع زينة عكر بأنّه لا يريد شيئًا، لا حصص ولا مطالب، يمارس دوره ومعارضته وفق ما يرتأيه، ولا شيء من ذلك خاضع للمساومة. الزيارة إلى بعبدا حصلت بناءً على مبادرة من فاعل خير، وعلى دعوة من الرئيس عون، وجنبلاط تجاوب مع تلك المبادرة، ولم يخفِ تحركّه هذا تجاه بعبدا، بحيث وضع محيطه الداخلي بجوّ الإتصالات التي أفضت إلى حصول اللقاء، وكذلك أطلع أفرقاء آخرين على تلك المبادرة، خصوصًا أولئك الذين وقفوا إلى جانبه بعد تعرّضه لحملات في الأشهر الأخيرة. من المواكبين للزيارة قبل حصولها وبعد، الرئيس نبيه بري، وكذلك “حزب الله” بعد حصول اللقاء في بعبدا، بادر إلى الإتصال بجنبلاط مقدّرًا موقفه وتجاوبه.
وكذلك بين الرئيس سعد الحريري وجنبلاط حصل اتصال سبق الزيارة، خلاله كان لجنبلاط رأي مغاير لموقف الحريري من اجتماع بعبدا الذي دعا إليه الرئيس عون لعرض الخطة الإصلاحية، فجنبلاط أمام التحديات الوطنية لا ير وجوبًا للمقاطعة بل النقاش ضروري. علمًا أنّ الحريري الذي يقاطع اجتماع بعبدا حَرص على إرسال تطمينات لـ”حزب الله” بأنّ موقفه من بعبدا ومن الوزير السابق جبران باسيل، لا ينسحب على الحزب، وبأنّه لن يسير في أيّ موجة معاكسة للحزب، وهذا الجو بحسب ما علم ” لبنان 24″ من مصادر مطّلعة، أبلغه الحريري للمعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل خلال إفطار أقامه على شرفه، أبقاه بعيدًا عن حلفائه بمن فيهم رؤساء الحكومات السابقين، وأنّ كان بعضهم علم باللقاء لاحقًا، بحسب المصادر.
ماذا عن لقاء الأربعاء في بعبدا؟ هل تمّ البحث بالموضوع وهل سيشارك جنبلاط شخصيًا أو رئيس الكتلة تيمور جنبلاط؟
تمنى الرئيس عون على جنبلاط المشاركة ولكن الأخير اعتذر لأسباب خاصة، وكذلك نجله تيمور لن يشارك كونه خارج البلاد، ولكن عدم المشاركة لا يعني المقاطعة، بل أنّ اللقاء الديمقراطي سيرسل ورقته الإقتصادية التي أطلقها قبل أيام إلى رئيس الجمهورية، وسيضمّن الورقة ملاحظاته على خطّة الحكومة الإصلاحية. وبالنسبة للقاء الديمقراطي لا مواقف مسبقة أو شخصية تحكم مسار تعامله مع الملفات المطروحة في البلد، ومنها الخطة الإصلاحية “كوننا نعتبر أنفسنا مسؤولين حتّى ولو لم نكن داخل الحكومة، ولسنا بموقع الرافض للنقاش، وسيكون لنا رأي ودور في مناقشة الخطة في المجلس النيابي “.
ليبانون 24