الحكومة المفلسة بمواجهة ضغوط أميركا على حزب الله وإيران
دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الحكومة
والجيش اللبنانيين إلى نزع سلاح حزب الله، وتحذيره من مخاطر تدخل المجموعة
شبه العسكرية في سوريا، معياران جديدان للموقف الدولي من لبنان.
تدويل المعابر
طبعاً،
ليست هذه المرّة هي الأولى التي تدعو فيها الأمم المتحدة الدولة اللبنانية
إلى اتخاذ مثل هذه الخطوة. هو طلب غير واقعي بالطبع، ولا ميزان له في
السياسة. فالدعوة أُعلنت أثناء مناقشة مجلس الأمن تطبيق القرار 1559، وعلى
مشارف التمديد لعمل قوات الطوارئ الدولية في الجنوب اللبناني. وما يريده
مجلس الأمن، استجابة منه لضغط أميركي، هو تعديل صلاحيات قوات الطوارئ
الدولية، وتوسيع نطاق عملها.
منذ سنوات تطرح الولايات المتحدة الأميركية توسيع نطاق عمل قوات اليونيفيل. وهي طرحت سابقاً أن تشمل مهامها مطار رفيق الحريري الدولي، والحدود اللبنانية السورية. وبالتالي مراقبة المعابر الشرعية وغير الشرعية كلها.
وقبل أيام اتُهمت سفيرة لبنان في الأمم المتحدة، أمال مدللي،
بأنها تعمل مع الأميركيين على تحقيق هذا التغيير في دور اليونيفيل. الحملة
على مدللي ظالمة بالطبع. فالمسألة دولية، وتعبر عن توجه أميركي ضاغط على
حزب الله، ومن خلفه إيران. والضغط هذا ينعكس على لبنان.
إيران ثم إيران
وتتزامن
دعوة الأمم المتحدة مع زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى
إسرائيل. والزيارة تكتسب أهمية لدى الطرفين. وعنوانها الأساسي إيران ثم
إيران، تناغماً حول مسألتين أساسيتين: الأولى، توافقٌ حول منع إيران من أن
تكون دولة نووية، مهما كلف الأمر. والثانية سعي الأميركيين مع دول العالم
كلها، لتمديد حظر الأسلحة على إيران. فالأميركيون يتحركون بقوة لاستمرار
حظر الأسلحة، وصدور قرار بذلك عن مجلس الأمن.
أمام أميركا عقبتان أساسيتان لتحقيق ذلك: الأولى، أن واشنطن
انسحبت من الاتفاق النووي الدولي حول إيران. لذا لا يحق لها المطالبة
بتجديد قرار مجلس الأمن هذا. والثانية، أن الدول المعنية بتجديد الحظر، لا
سيما الصين وروسيا، ليست موافقتها مضمونة على تجديده.
ضغوط مستمرة
هذه
المسائل كلها تنعكس مباشرة على لبنان: من إيران إلى العراق فسوريا.
عراقياً، تتخذ المواجهة منحى مختلفاً، بعد تشكيل حكومة مصطفى الكاظمي. في
سوريا أرض المعركة الرئيسية تجسدها الضربات التي تتلقاها إيران وحزب الله.
وتبقى العقوبات الاقتصادية والضغوط على حزب الله مفتوحة إلى أمد طويل. وهي
ضغوط تتضمن عمليات التهريب بين لبنان وسوريا، واستخدام المعابر غير الشرعية
بين البلدين. وبنتيجة الضغوط الأميركية، عقد المجلس الأعلى اللبناني
للدفاع اجتماعاً لمناقشة مسألة التهريب والمعابر غير الشرعية.
وهذه المسألة تظل مفتوحة على المدى الطويل، وتبقى باباً
جديداً للضغوط الدولية على لبنان وحزب الله. والأميركيون لا يبدون مستعدين
للتراجع أبداً عن ضغوطهم. بل سيستمرون فيها، على الصعيدين المالي والسياسي.
وهذا السياق يشمل المفاوضات اللبنانية مع صندوق النقد الدولي، والشروط
القاسية التي تُفرض، والتغييرات التي يجب إدخالها على الخطّة.
حكومة في العراء
لبنان
أمام شهور صعبة جداً تتزايد فيها الضغوط. سوء الأحوال الاقتصادية ينجم عنه
تحركات مطلبية ساخطة وغاضبة في الشارع. الخلاف السياسي المستمر والتوتر
المفتوح على مصراعيه، خصوصاً بعد موقف سليمان فرنجية، يُفقِد الحكومة
مقوماتها لتحقيق أي إنجاز، يحتاج حكماً إلى توافق سياسي غير متوفر في حكومة
تصطدم بعقبات سياسية كثيرة، برزت من الهيركات إلى الكابيتال كونترول
وسواهما من الأمور العالقة. صحيح أن لا بديل عن الحكومة يلوح في الأفق.
وصحيح أن الحكومة تبذل جهداً وتظهر سعياً جاداً للعمل وعدم التلكؤ. لكن هذا
لا يعوّض فقدانها الغطاء السياسي والرعاية الدولية، اللذين لا تقدم من
دونهما.
وهناك من يطرح استنفاد دور هذه الحكومة، للبحث عن حكومة جديدة، تحظى بغطاء سياسي ورعاية دولية، وقادرة على اتخاذ قرارات. وأصحاب وجهة النظر هذه يقرأون في كتاب حكومة مصطفى الكاظمي في العراق.
المدن