مفاوضات الصندوق تنتظر الأرقام والشرق “وجهة” الحكومة.. حوار بعبدا “يردّ” على دياب
لكي يخرج لبنان من إحراج التباين الفاقع في أرقام الخسائر المالية، التي شكّلت فضيحة امام صندوق النقد الدولي، كان الحل بتدقيق مجلس النواب بالأرقام بهدف توحيدها والتوجه بها مجددا الى صندوق النقد، علّ ذلك يؤسس لبدء المفاوضات فعلياً ووصول المساعدات المرتجاة.
ولأن الحكومة تبدو عاجزة عن اتمام الاصلاحات التي يصر عليها صندوق النقد، أعلنت أنها عقدت العزم على أن تيمّم شطر الشرق، وأنها على إستعداد للتواصل مع الصين وايران وروسيا لتنفيذ مشاريع في لبنان، وهو قرار بصرف النظر عن تعقيدات تنفيذه وامكانيات ذلك نقدياً واستثمارياً، فإن الحكومة قبل كل شيء لم تقرر شيئاً بعد واستطاعت إتمامه.
مصادر متابعة أشارت لـ “الأنباء” الى أن “ما ينبغي التوقف عنده ويثير الإستغراب يتلخص بعزم الحكومة كما أعلن رئيسها حسان دياب القبول بنصيحة حزب الله إدارة بوصلة حكومته الى الشرق بعد أن سُدّت منافذ الغرب المنشغل بمكافحة فيروس كورونا والذي لم يتصل (الدول الأوروبية) لغاية الآن بدياب باستثناء الغزل الفرنسي تجاه حكومته، وكذلك الإدارة الأميركية التي تتلطى خلف العقوبات المفروضة على إيران وقانون “قيصر” الذي دخل حيز التنفيذ أمس الأول، وهو سيعرض كل المتعاونين مع النظام السوري للملاحقة وتشديد الرقابة عليهم، ما يعني أن المنطقة العربية والشرق أوسطية تمر اليوم بأوضاع غير مسبوقة وغير مريحة”.
وسألت المصادر “أين لبنان من كل ما يجري وبالأخص بعد إهتزاز صورة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بسبب الخلاف على أرقام الخسائر المالية بين الحكومة ومصرف لبنان وجمعية المصارف؟”.
النائب نقولا نحاس الذي شارك في إجتماع لجنة تقصي الحقائق ولجنة المال والموازنة النيابية أوضح لـ “الأنباء” أن إجتماع الأمس كان للمصادقة على التقرير الذي وضعته لجنة التقصي قبل رفعه الى رئاسة المجلس النيابي ومن ثمة إقراره بصفة نهائية والدخول بعدها في المعالجات. واعتبر نحاس أن “اعتراف الرئيس دياب بأن خطة حكومته ليست منزلة جيد”، واصفا حالة البلد بالصعبة جدا “ما يتطلب طاقما سياسيا جديدا يأخذ على عاتقه تنقية الشوائب”.
ووصف نحاس توجه الحكومة لطلب المساعدة من دول الشرق “بالكلام الفارغ”، وسأل: “هل هذه الدول لديها الإمكانيات لمساعدة لبنان؟ بالطبع لا، ولو أن الأمر كذلك لما تقدمت بعض هذه الدول نفسها بطلب المساعدة من صندوق النقد”.
وعلى خط آخر تتابع دوائر قصر بعبدا التحضير للقاء الوطني الحواري الذي دعا اليه رئيس الجمهورية ميشال عون في القصر الجمهوري الخميس المقبل، والذي يشكل بحد ذاته ضربة لخطاب رئيس الحكومة الذي ما انفك يرمي المسؤولية والتهم على الحكومات السابقة والأحزاب السياسية خارج الحكومة، ليعود رئيس الجمهورية ويدعو هؤلاء جميعهم للمساهمة في وضع تصورات للخروج من الازمات الراهنة.
وتترقب الأوساط المتابعة مواقف بعض الأقطاب من هذا اللقاء، لاسيما الرئيس سعد الحريري ورؤساء الحكومات السابقين الآخرين باستثناء الرئيس تمام سلام الذي سيقاطع اللقاء بحسب مصادره والتي عزت موقفه لـ “الأنباء” بأن “لا فائدة مرجوة منه، فالجهة الداعية له تريد ان تظهر للعالم بأنها تمسك بالقرار اللبناني، فيما الحقيقة هي عكس ذلك”. ولفتت المصادر الى ان “مقاطعة سلام قد تخلط الأوراق لتنسحب على باقي رؤساء الحكومات السابقين في وقت لم يعرف بعد موقف الرئيس الحريري النهائي”.
كما تترقب الأوساط قرار رئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية الذي تصدر لقاءاه مع الرئيس نبيه بري والرئيس الحريري أمس برفقة نجله النائب طوني فرنجية على المشهد السياسي، إن لجهة التوقيت أو الأهمية، كون هذين اللقاءين جاءا قبل أسبوع من موعد اللقاء الوطني في بعبدا.
مصادر تيار المردة وصفت لـ “الأنباء” جولة فرنجية على بري والحريري “بالمهمة جدا لأنها تندرج في إطار المساعي الهادفة الى إنقاذ لبنان من الأزمة الإقتصادية والمعيشية التي يتخبط بها منذ عدة أشهر ما يفرض على القيادات الوطنية التلاقي وتبادل الأفكار التي تساعد على انتشال البلد من هذه الأزمة المستفحلة، وخاصة في ظل بالأجواء غير المريحة مع العهد وفريقه السياسي”.
وعن أسباب المشكلة مع العهد وموقف فرنجية من حضور اللقاء الوطني، عزت مصادر المردة أسباب الجفاء الى “عدم رغبة الرئيس عون سماع الرأي الآخر والإكتفاء بإصغائه الى المقربين منه وتحديدا النائب جبران باسيل الذي يعتبر نفسه الأقوى على الساحة المسيحية ولذلك يتصرف كرئيس ظل يمنع رئيس الجمهورية من الإستماع الى القوى المسيحية الأخرى. ومن جهة ثانية فهو يعتبر فرنجية منافسه الأقوى على موقع رئاسة الجمهورية ولذلك يحاول “القوطبة” والإستفادة من وقوف الرئيس عون الى جانبه لحصد المزيد من المكاسب كما حصل في التعيينات الأخيرة وغيرها من الأمور التي لا مجال لذكرها”.
المصادر أشارت الى “إنسجام كبير بين فرنجية والرئيسين بري والحريري ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ما قد يؤسس لنوع من التحالف في المستقبل”. وعن العلاقة مع القوات اللبنانية لفتت المصادر الى أنها “لا زالت على حالها، واللافت اعتراف رئيس القوات سمير جعجع بأنه أخطأ بترشيح عون الى الرئاسة”.
جعجع كان بدوره استقبل أمس وفدًا من اللقاء الديمقراطي موفدا من رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، وقد نقلت مصادر المجتمعين لجريدة “الأنباء” أن اللقاء أكد “ثبات العلاقة بين الحزبين وقناعتهما المشتركة بأهمية استقرار الجبل وكل لبنان، وبضرورة التنسيق لمواجهة مختلف التحديات المصيرية التي تضع البلاد على حافة المهوار”.
الأنباء