حزب الله يستهدف مواقع إسرائيلية بالفيديو مستدرجاً أميركا للتفاوض
استغل حسان دياب قانون قيصر، للحفاظ على حكومته. فأركانُها ورعاتُها
يريدون بقاءها لمواجهة القانون إياه. أما معارضوها فيفضلونها حكومة اللون
الواحد على حكومة الوحدة الوطنية، لتكون القوى الراعية لها في مواجهة ضغط
قانون قيصر وتأثيراته السلبية، اقتصادياً واجتماعياً ومعيشياً وسياسياً.
الإذعان لنصرالله
وهكذا يبدو أن القوى اللبنانية كافة
متفقة على بقاء حكومة دياب: بعضهم لتجنيب أنفسهم تداعيات قيصر وعقوباته
وضغوطه، والآخرون رغبة منهم في البقاء في مواقعهم، وإظهار أنفسهم منتصرين
ومسيطرين على الحكومة، ليكتشفوا خطأ تقديراتهم في ما بعد.
لكن الخارج، في مشكلاته مع الحكومة اللبنانية، لا يقيم أي
اعتبار للمشاكل والمواجهات الداخلية في لبنان. فالخارج لن يهادن، بعدما
مرّت الحكومات اللبنانية في أكثر من اختبار أميركي امتحن مقدرتها على
اجتياز أي منها، ففشلت في الامتحان. والدليل ما تلقاه حسان دياب من
الأميركيين، جواباً على طلبه استثناءات من واشنطن لاستمرار بعض التعاون
اللبناني مع سوريا في مواضيع عديدة. وجاء الجواب الأميركي: كيف يمكن منحكم
هذه الاستثناءات، فيما لم تتجاوب حكومتكم مع أي مطلب أميركي، ولا التزمت
به. فالحكومة اللبنانية تتبنى كل ما يقوله حسن نصرالله. وآخر الأمثلة على
ذلك، إعلانها في بيان عن رغبتها في التوجه شرقاً، نسجاً على منوال نصرالله
وإذعاناً له. وهذا أشد ما يستفز الأميركيين.
رسالة حزب الله المتناقضة
تصعيد
الحكومة مستمر إذاً. وحزب الله بدوره لم يعد في وارد التراجع، لا نظرياً
ولا كلامياً على الأقل. أما التراجع الجدي فيفترض أن يقترن بتنازلات جدية.
وحتى الآن لا يبدو أن هذا ممكن. لكن عندما يحين الوقت تبدأ التنازلات بلا
احتساب أو تخطيط.
في اليومين الماضيين عمل حزب الله على نشر فيديو مصوّر يتضمن أهدافاً عسكرية إسرائيلية استراتيجية، ليوحي الحزب إياه وكأنه قادر على استهدافها. ومن بين هذه الأهداف: “جناح الصناعات الجيوفضائية في حرم مطار بن غوريون، وأنظمة الصناعات العسكرية في هشارون قرب هرتسيليا، ومقر الصناعات الجيوفضائية في منطقة أيهود الصناعية، وقاعدة بيت العزاري للجيش الاسرائيلي، وقاعدة معلول لسلاح الجو الاسرائيلي، ومركز رفايل للصناعات العسكرية قرب سخنين”.
رسالة حزب الله هذه تشير إلى استعداده للتصعيد، خصوصاً إذا ما استمرت الضغوط وحرب التجويع. لكن الرسالة أياها تصلح إشارة إلى الرغبة في التفاوض، طالما أن الحزب لوّح في الفيديو بالصواريخ الدقيقة التي يمتلكها، وقدرتها على استهداف العمق الإسرائيلي. والصواريخ هذه هاجس أساسي عند الأميركيين والإسرائيليين الذين يشددون على ضرورة تفكيكها ونزعها من يد حزب الله.
الرسالة تحتمل أن تكون إنذاراً بالتصعيد. ولكن من يكشف عما
لديه، يصبح ما يمتلكه قابلاً للمساجلة والتفاوض. فلو أن حزب الله لم يشر
إلى هذه الصواريخ، لما كانت دخلت في بازار التفاوض عندما تحين لحظته.
والفيديو برمته قد يكون للمزايدة والتهويل في ميزان التهديد بصدام كبير، لا
يحتمله الحزب ولا بيئته الحاضنة في هذه الظروف الصعبة لبنانياً وإقليمياً.
استحالة صمود إيران
التلويح
بالصواريخ الدقيقة، وقبلها الحديث عن التوجه شرقاً، والتهديد العسكري
بالقتل في حال استمرت الضغوط، كلها عوامل تفجير، ولا توحي بأي احتمال
لتخفيف الضغوط، حتى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية. فحسبما يقول
متابعون لن يتوقف الضغط الأميركي بعد الانتخابات.
فالمقربون من جو بايدن يقولون إنه – في حال فوزه بالإنتخابات
الرئاسية – لن يخفف العقوبات عن إيران إذا لم تتراجع عن أنشطتها النووية.
كما أن العزلة الإيرانية تتزايد في ظل الموقف الأوروبي الآخذ في التقارب مع
الأميركيين. لذا لا يبدو أن الضغوط الأميركية يمكن أن تتراجع. ومن الواضح
أن لا قدرة للبنان ولا لسوريا ولا حتى لإيران على الصمود “الأسطوري” من
الآن حتى موعد الانتخابات الأميركية. والأسابيع المقبلة ستكون بالغة
الصعوبة على المحور الإيراني.
تهديد إسرائيلي للبنان
يؤدي
الضغط الأميركي المستمر إلى تدفيع الإيرانيين ثمناً كبيراً، حتى في ظل
الحديث عن استعداد أميركي للإنسحاب من المنطقة، وخصوصاً من سوريا التي
يعتبر الأميركيون أنهم سينسحبون منها مع القوى الأجنبية كلها، باستثناء
القوات الروسية.
أما في العراق فهناك توجه متشدد لعدم الانسحاب، وترك إيران في حال قوة ونفوذ. وهناك من يشير إلى تراجع طهران في العراق، ينسجب على الواقعين السوري واللبناني. لا سيما أن الانسحاب الأميركي سيترافق مع تصعيد إسرائيلي وتكثيف الضربات الجوية الإسرائيلية على الأهداف الإيرانية في سوريا، وتوسيع مروحتها الجغرافية لتطال أراضي عراقية.
وتكشف معلومات أن لبنان تلقى رسالة واضحة الأسبوع الفائت: اعتراض أي طائرة إسرائيلية في الأجواء اللبنانية، يترتب عليه إجراءات قاسية جداً.
المدن