الحكومة في الثلاجة.. وترشيحات “الطاقة” تزيد الطين بلّة
يهمل بعض المواكبين للحراك الحكومي، ثِقل العقد المحلية التي تحول حتى اللحظة دون ولادة حكومة سعد الحريري الرابعة خلال أيام، كما كان يأمل رئيسها، ودعمه بذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري، للإشارة إلى العامل الخارجي. وفق هؤلاء، من غير المنتظر خروج الحكومة الى الضوء إذا لم تعرف هوية سيد البيت الأبيض الجديد.
إقرأ أيضاً: الحريري يفكّر بمسودّة يتركها في بعبدا
بنظرهم، يزداد الوضع الحكومي تعقيداً، لأنّ الانتخابات الرئاسية الأميركية قد تدخل في نفق مظلم، سيصعب خروجها منه قبل أسابيع، إذا ما قرن دونالد ترامب تهديده بالفعل، وتقدّم بطعن بالنتائج في حال لم يحالفه الحظّ ليعود من جديد إلى واشنطن. تثبت الأيام، أنّها فرضية قريبة جداً من الواقع، وقد تصير واشنطن هي الحدث العالمي اذا لم يضمن ترامب فوزه.
في الواقع، فإنّ التباين العميق بين سياسات ترامب، وسياسات خصمه جو بايدن، قد تضع الحكومة اللبنانية في ثلّاجة الانتظار، نظراً للفرق الشاسع الذي قد يحدثه أيّ من المسارين.
ومع ذلك، يجيب بعض المعنيين أنّ مسار التأليف يعاني من خلل بنيوي أساسي من شأنه أن يضع العصي في الدواليب، ويصعّب المهمة على سعد الحريري، ويعطّل مشروع عودته السريعة إلى السراي، كما كان يخطّط، ويعتقد أنّه بامكانه فعلها. وإذا كانت مكامن الخلل كثيرة وعديدة، إلا أنّه بالامكان اختزالها بخلاصة واحدة: الذهنية.
يزداد الوضع الحكومي تعقيداً، لأنّ الانتخابات الرئاسية الأميركية قد تدخل في نفق مظلم، سيصعب خروجها منه قبل أسابيع، إذا ما قرن دونالد ترامب تهديده بالفعل، وتقدّم بطعن بالنتائج في حال لم يحالفه الحظّ
حتى اللحظة، ثمّة من يتعامل مع الواقع الحكومي، وكأنّ البلاد غير محكومة بواقع الانهيار المالي والاقتصادي، وبالحاجة إلى كلّ “نقطة دعم” يفترض أن يؤمّنها مشروع سيدر أو بما تبقى منه المشروط بسلّة اصلاحية، تبدأ حكماً بشكل الحكومة وآلية تركيبها. وهذا تفصيل أساسي لا يمكن تجاوزه.
وفق هؤلاء، فإنّ ما بيّنته الأيام الأخيرة، وتحديداً ما تسرّب من أسماء مرشّحة لتولّي حقائب أساسية، لا يوحي بأنّ القوى المعنيّة تعلّمت من درس المرحلة الماضية، ولا من الغاية من اشتراط المجتمع الدولي في إسقاط آليات التأليف البالية والذهاب نحو حكومة اختصاصيين. يشيرون إلى أنّ توافر الاختصاص في التوزير ليس بحدّ ذاته الهدف، لأنّ المطلوب هو إبعاد الأجندات السياسية عن الوزارات، وتحديداً بعض الحقائب الأساسية التي ستكون على تماس مع مشروع سيدر. ومنها على سبيل المثال: الطاقة، الأشغال، الصحة والاتصالات.
ويلفتون إلى أنّ المداورة التي طرحها رئيس الحكومة، كانت تهدف بشكل أساسي إلى إخراج حقيبة الطاقة، من تحت جناحي “التيار الوطني الحرّ” وسطوته. لكنّ المشاورات علقت في عنق الأسماء التي يطرحها رئيس “التيار” جبران باسيل لهذه الحقيبة. وهذه واحد من أصعب العقد التي تواجه مشروع التأليف.
تفيد المعلومات، وعلى سبيل المثال، أنّ كارول عياط التي طرح اسمها لهذه الحقيبة، عادت لتهبط أسهمها بسبب رفضها الخضوع لـ “امتحان قبول” مع باسيل قبل تبنّي ترشيحها
هنا، تفيد المعلومات، وعلى سبيل المثال، أنّ كارول عياط التي طرح اسمها لهذه الحقيبة، عادت لتهبط أسهمها بسبب رفضها الخضوع لـ “امتحان قبول” مع باسيل قبل تبنّي ترشيحها، لترتفع بالمقابل أسهم المهندس بيار خوري مدير “المركز اللبناني لحفظ الطاقة”، ما يعني أنّه من دائرة جبران باسيل اللصيقة، وهذا أدّى الى رفض اسمه من جانب رئيس الحكومة.
هكذا، يؤكّد المطلعون أنّ مشاورات التأليف تواجه أفقاً مسدوداً، فيما رئيس الحكومة يبدي انزعاجه مما آلت إليه، خصوصاً وأنّه كان يعتقد أنّ تردّي الوضع المالي والاقتصادي قد يساعده على تذليل العقبات، ودفع كلّ الأطراف إلى تبادل التنازلات لما فيه مصلحة الجميع. وإذ بالتعنّت يعيد المشاورات إلى مربّعات مضى عليها أشهر!
يضيفون أنّ ما يزيد الوضع تعقيداً، هو انكفاء المجتمع الدولي عن لبنان وتحديداً الفرنسيين الذي يتخبّطون اليوم في أزماتهم الداخلية، وهم غير معنيين بما يحصل على ضفاف أخرى. في المقابل، لا يبدو أنّ “حزب الله”، أكثر الأطراف قدرة على التدخل مع بقية القوى، مستعد للقيام بأيّ خطوة من شأنها أن تحلحل العقد. صحيح أنّه يرغب بتشكيل حكومة جديدة، لكنه في المقابل يحاذر القيام بأيّ خطوة ضاغطة على العهد وجبران باسيل خصوصاً بعد الخضّات التي شهدتها العلاقة سواء في ما يتصل بمسألة ترسيم الحدود، أو بتسمية الحريري والتي حملت في طيات كلام عون وباسيل وقتها تهديدات سياسية تتعلق بالحزب وسلاحه وصولاً إلى الاستراتيجية الدفاعية.
أساس