استطلاع دولي مشدّد جنوباً..حزب الله يسحب أسلحته الدقيقة؟
كتب منير الربيع في المدن
تداخلت قبل أيام حركة الطائرات الإسرائيلية المسيرة التي تحلّق في الأجواء اللبنانية. بعض منها استمر على مدى ساعات طويلة في مناطق مختلفة، وبعضها الآخر كانت طائرات حربية خرقت جدار الصوت أكثر من مرّة، ونفذّت غارات وهمية.
طائرات دولية؟
وتندرج التحركات هذه في سياق الحرب النفسية التي تخوضها إسرائيل ضد لبنان، أو في خانة الاستفزاز المستمر لاستدراج لبنان وحزب الله إلى ما لا يريدانه. وارتفع منسوب الاستفزاز هذا بعد توقف مفاوضات ترسيم الحدود المؤجلة إلى بدايات العام الجديد. وتشير المعطيات إلى أن لا تقدّم حققه الموفد الأميركي الذي زار لبنان الأسبوع الماضي لإحياء مفاوضات الترسيم.
وإلى جانب الحرب النفسية والاعتداءات الإسرائيلية المعتادة على السيادة اللبنانية، حلقت طائرات مسيّرة مجهولة في الأجواء اللبنانية. وحسب معلومات لم تُعرف طبيعة هذه الطائرات التي قامت بمهام استطلاعية، ويتحفظ لبنان حولها. وهذا يقود إلى طرح تساؤلات كثيرة، منها: هل الطائرات هذه تابعة لقوات اليونيفيل؟ خصوصاً أن هناك معلومات تفيد بأن قوات الطوارئ الدولية عززت تقنياتها في لبنان، بموجب قرار التمديد لاستمرار عملها، وتوسيع مهامها وتطوير معداتها.
الترسيم والكوثرية
ولا شك في أن توقف مفاوضات ترسيم الحدود، أرخى ظلالاً سلبية على الواقع اللبناني، إذ كان لبنان قد استفاد من تلك الخطوة لكسب الوقت والتقاط الأنفاس والبحث عن فرصة لتخفيف الضغوط. أما بعد توقف المفاوضات فقد أصبح التوتر قائماً. وكذلك احتمال قيام الإسرائيليين بخطوة تصعيدية، على شاكلة عمليات أمنية تستهدف مواقع محددة مثلما حصل في تفجير عين قانا مثلاً.
وهذا فيما تعمل قوات اليونفيل على تعزيز نشاطها في الجنوب، وتحديداً في نطاق القرار 1701، بعد جلسة عقدها مجلس الأمن قبل أسبوعين، وناقش فيها مندرجات القرار ومدى الالتزام به.
وبعدما فعّلت قوات اليونفيل نشاطها سُجّلت يوم الجمعة حادثة جديدة بين دورية منها وأهالي بلدة كوثرية السياد. إذ أقدم الأهالي على تطويق دورية لليونفيل وصادروا منها معدات وأجهزة. وصار معروفاً في لبنان أن مثل هذه الحوادث المتكررة منذ سنين، لا تحصل بالصدفة. وهي لن تكون الأخيرة. ولكن في السابق كان لمثل هذه الحادثة سبب ما. أما حادثة الكوثرية الأخيرة فالأرجح أنها ترتبط بحركة بشرية يقوم بها حزب الله، أو بعملية نقله أسلحة لا يريد لقوات الطوارئ أن تكتشف تفاصيلها. واعتراض الأهالي على نشاط القوات الدولية، غالباً ما يكون مبرمجاً، وينطوي على رسالة تتعلق برسم الخطوط الحمر التي لا يمكن تجاوزها.
سحب أسلحة دقيقة؟
توقف مفاوضات ترسيم الحدود جدد بوادر التوتر والاستنفار وأعادها إلى ما كانت عليه سابقاً. وهذا مرشح للاستمرار في المرحلة المقبلة، في حال عدم العودة إلى طاولة المفاوضات. ويخشى أن تتطور الأوضاع إلى ما هو أسوأ.
وتشير بعض المعلومات إلى أن حزب الله عمد إلى تدابير أمنية وعسكرية، منذ الاستنفار الذي أعلنه أمينه العام ونفذه تزامناً مع المناورات العسكرية الإسرائيلية التي نفذت الشهر الفائت تحت عنوان “السهم القاتل”. والتدابير هذه لها أكثر من هدف: القول إن حزب الله، على الرغم من مفاوضات ترسيم الحدود، جاهز لأي خيار عسكري أو أمني، وهو في حال استنفار كامل. أو للتغطية على عملية نقل أسلحة، لا سيما المتطورة والدقيقة من تلك المناطق والمواقع التي تقع ضمن نطاق عمل الـ 1701 وتحت رقابة اليونفيل، إلى مناطق أخرى. وذلك كي لا تستهدف بذريعة خرق القرار الدولي.
وما جرى يقود إلى خلاصة واحدة: مسار المفاوضات السالك أو المقطوع، يتوازى مع خطّ آخر يتعلق بترسيم المدى الإستراتيجي للنفوذ والتأثير الأمني والعسكري في الجنوب.