تناقضٌ في توقعات التأليف.. واقتراحات “اللقاء الديمقراطي” تفضح زيف مدّعي الإصلاح
فيما استحوذت الجلسة التشريعية أمس على المشهد السياسي مع استعراضات بعض الكتل الشعبوية في الممانعة في محاولة الإيحاء بأنها حريصة على الإصلاح، فإن الملف الحكومي خفت على ترقب لاحتمال انعقاد لقاء اليوم بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري.
وفي انتظار تطورات حكومية لا تبدو بعد في أطرها النهائية، فإن سمة العمل لدى بعض الكتل النيابية كانت في مواصلة تجاهل المطالب المحقة للطبقات الفقيرة التي تعاني الأمرّين من غلاء الأسعار وجشع التجّار، حيث غابت عن جلسة الأمس الطروحات الخاصة بترشيد الدعم بحجّة عدم إدراجها على جدول أعمال الجلسة، فيما المشاريع التي أقرّت، على أهمية البعض منها، كان ينبغي أن تترافق مع خطة واضحة لترشيد الدعم تطمئن الطبقات الفقيرة. إلّا أن من بين ممثلي الأمة مَن يهتم بمصيرها ومستقبلها، فكان أن اللقاء الديمقراطي وقف وحيداً في الجلسة حاملاً هموم الناس من خلال اقتراح إنشاء صندوق البطالة المؤقت الذي لم تصوّت الكتل الأخرى مع صفة العجلة عليه، فأحيل إلى اللجان، تاركاً عشرات الآلاف ممن خسروا وظائفهم وأعمالهم دون سند.
كما انكشف في الجلسة أمس زيف ادعاءات البعض بالدعوة إلى دولة المواطنة والدولة المدنية ودولة العدالة، حين رفض بحججٍ مذهبية فاقعة التصويت على اقتراح قدّمه اللقاء الديمقراطي لإلغاء الإعفاءات الضريبية المعطاة للطوائف، فسقطت أقنعة مدّعي الإصلاح والحداثة.
وفي هذا السياق، استغرب عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية تهرّب أعضاء المجلس من البحث في إقتراحات القوانين المقدّمة من الكتلة، وتحديداً تلك المتعلقة بترشيد الدعم، متحدثاً عن “إستنسابية في دراسة القوانين”، خصوصاً وأن مشروع القانون المقدّم من قبله في موضع دواء الجينيريك كان أقوى من المشروع الذي أقرّ.
وقال عبدالله: “البلد يحتضر والدواء موجود، لكنهم لا يريدون إعطاءه الدواء كي يشفى، فالإرتهان إلى الخارج يعطّل كل الحلول، والوضع بشكل عام أصبح في مكان محفوف بالمخاطر، والعودة إلى ما كنا عليه ستكون صعبة ومكلفة جداً، وبقدر ما نتأخر بتشكيل الحكومة ستكون الحلول أصعب والقرارات أخطر على الناس”، متوقعاً “زيادة في البطالة وارتفاعاً جنونياً بغلاء المعيشة، معطوفاً على ارتفاع في سعر الدولار، بما يؤدي إلى رفع الدعم عن العديد من السلع الأساسية. وفي جميع الأحوال هذا الأداء للسلطة لن يتغيّر، والأكثرية النيابية لا تستطيع أن تجترح الحلول والبلد متروك رهينة انتظار وضوح الرؤية لدى الإدارة الأميركية الجديدة”.
في المقابل رأى عضو كتلة التنمية والتحرير، النائب فادي علامة، في حديث لـ”الأنباء” أن الجلسة التشريعية، “كانت منتجة”، معتبراً أنه كانت هناك قوانين كثيرة كانت لديها أهداف مشتركة، والتي طلب رئيس المجلس، نبيه بري، دمجها بقانون واحد.
علامة تحدث عن أهمية القوانين التي أقرّت كالقانون المتعلّق بالتحقيق الجنائي، وموضوع الدواء وتحفيز الجينيريك، قائلاً: “هذا القانون يخفف عن الناس أعباءً كثيرة”، مشيراً أيضاً إلى قانونَي تحديد المهل وإعفاءات المكيانيك بما لهما من طابع إجتماعي.
وفي الشأن الحكومي، رأى علامة أن لا جديد في هذا الملف باستثناء الزيارة المرتقبة للرئيس المكلّف سعد الحريري إلى بعبدا اليوم أو غداً، أي قبل عيد الميلاد، وذلك بناءً على مبادرة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي.
بدوره، وصف عضو كتلة المستقبل، النائب نزيه نجم، في اتصالٍ مع “الأنباء” الجلسة التشريعية “بالجيدة جداً”، متحدثاً عن تجديد العقد لكهرباء زحلة، وقانون رفع السرية المصرفية عن الحسابات التي قد تخضع للتحقيق، وليس حسابات كل المودعين، وقانون تحديد المهل والقانون المتعلق بالدواء. أما مشاريع القوانين المتعلقة بالعفو العام فقد جرى إحالتها للجان المشتركة.
نجم دعا إلى تشكيل حكومة “في أسرع وقت لأن البلد على شفير الإفلاس والإنهيار”، متوقعاً تشكيل الحكومة في وقتٍ قريب، قائلاً: “إذا كان هذا الجهد المنصّب من قِبل البطريرك والعديد من القيادات السياسية المخلصة لهذا البلد لا يؤدي إلى تشكيل حكومة، معنى ذلك أننا في أزمة حكم”، مشدداً على تشكيل حكومة من اختصاصيين ومستقلين، ولا علاقة لهم بالأحزاب، ويجب أن تتشكل وفق شروط الرئيس الحريري على الفور.
عضو تكتل الجمهورية القوية، النائب وهبي قاطيشا، رأى من ناحيته في حديث لـ”الأنباء” أن التشريع في ظل حكومة مستقيلة يبقى ضعيفاً، معتبراً أن رفع السرية المصرفية من أهم القوانين التي أقرّت في الجلسة، وقال إن هذا القانون مقدّم من القوات اللبنانية، ويشمل الأموال بين البنك المركزي والإدارات العامة والوزارات، ولمدة سنة، ولا يكشف عن أموال الأشخاص، واصفاً إقراره بالمهم في حال جرى التعاقد مع شركة للتحقيق الجنائي.
وأضاف قاطيشا: “أهمية هذا القانون أنه يجعل من الصعب حجب المعلومات عن الشركة التي تتولى التحقيق الجنائي”، واصفاً في مجال أخر قوانين العفو المقترحة “بالإرتجالية”، وتساءل “كيف يمكن إصدار عفو عام والجرائم في البلد مستمرة، وآخرها جريمة الكحالة؟” وبرأيه، أن “العفو العام يأتي بعد تطورات مهمة، أو تحولات سياسية يصبح معها العفو العام حاجة وضرورة، فاليوم أين الحاجة للعفو في ظل التزايد المستمر في الجريمة، ومعظمها لأهداف سياسية، أو لأهداف تتعلق بالكشف عن بعض الجرائم”.
وتابع قاطيشا: “عندما نتحدث عن العفو عن تجار المخدرات يجب أن نكون تحرّرنا من زراعة المخدرات، لأن الموقوفين بتهمة المخدرات سيعودون إلى الإتجار به عندما يخرجون من السجن”.
وفي ما خص ترشيد الدعم، رأى أن هذا المشروع لم يكن مطروحاً على جدول الأعمال، وهو من صلاحية السلطة التنفيذية التي عليها أن تتقدم بإقتراح قانون حوله.
وعلى خط تشكيل الحكومة، سأل قاطيشا “كيف يمكن تشكيل الحكومة وهناك قوى سياسية في حالة عداء ومقاطعة، وهناك شبه قطيعة بين الرئيس عون وقوى سياسية عدة، فكيف يمكنه أن يشكل حكومة إذا كانت كل المنظومة السياسية بحالة عداء مع بعضها البعض؟”
ورأى أن البلد “يعيش أزمة عدم وجود رجال دولة بكل معنى الكلمة، والحل يبقى عندما يكون هناك رجال دولة، وبعدها ممكن أن تقضي على الفساد وعلى سرقة المال العام”.
وعن رأيه حول مساعي البطريرك الراعي لتشكيل الحكومة، قال: “ما إن التقى الراعي بالرئيس عون حتى ذهب باسيل إلى بكركي ليتحدث عن وحدة المعايير وحقوق المسيحيين، فهم يريدون وزراء لسرقة الدولة، ولقد اعتادوا أن يحرقوا البلد من أجل علبة كبريت، ولا يهمهم سوى مصلحتهم الخاصة التي تعلو على مصلحة لبنان”.
إلّا ان مصادر تكتل لبنان القوي أشارت لـ”الأنباء” إلى بوادر انفراج في الملف الحكومي، وتمنّت على الرئيس المكلف أن، “يتلقّف مبادرة الراعي ويحترم وحدة المعايير، ويترك للرئيس عون المشاركة الحقيقية في تشكيل الحكومة، وفي غضون ذلك ستتشكل حكومة خلال ساعات”.
المصادر من جهتها وصفت الجلسة التشريعية “بالتاريخية وخاصة لجهة إقرار قانون رفع السرية المصرفية وكهرباء زحلة، وكل المشاريع التي أُقرّت كنا بحاجة لها”.
إلى ذلك، وفي الشأن الصحي، أشارت مصادر وزارة الصحة لـ”الأنباء” إلى مجموعة خطوات تقوم بها الوزارة للحد من ارتفاع أعداد المصابين بكورونا خلال الأعياد، مع التشديد على الإجراءات الوقائية، وتطبيق التباعد والتزام الكمامة.
المصادر دعت المواطنين لعدم الخوف من السلالة الجديدة المتصلة بكورونا لأنها لا تزال غير موجودة في لبنان، وأن إجراءات فحص الـPCR على الوافدين إلى لبنان ستكون مشددة جداً، ولن يسمح إلّا للأشخاص الذين تكون نتيجتهم سلبية مع إخضاعهم إلى الحجر ثلاثة أيام بعد وصولهم إلى لبنان وإجراء فحص PCR، حتى يتأكد خلوهم من أي عوارض.
الأنباء