بين وطن نخاف عليه ودولة نخاف منها …
نقولا ابو فيصل*
في كل مرة نشاهد وعي حكامنا يَصيح في الزاوية تزداد قناعتنا ان نخاف على لبنان، لأن الاوطان التي لا نخاف عليها لا نستحق العيش فيها، وكفانا كذبًا بالادعاء اننا نحب لبنان وأننا مستعدون للموت فداءً عنه، كله كلام فارغ والدليل اننا ننكفئ عند الاستحقاقات عن ممارسة حقنا الانتخابي في السعي لتبديل هذه الزمرة الحاكمة عبر صناديق الاقتراع ،والتي إن تمت فسوف تؤمن لنا استفاقة للبنان من غيبوبته وعودته الملاذ الآمن وبلد الحياة والاستقرار والكرامة والشموخ ، الوطن النهائي لابنائه الذي من حقه علينا ان نخاف عليه من نفوس جاحدة وقلوب حاقدة ، من عدو متربص ومواطن خائن ،كما يجب ان نخاف عليه أيضًا من تقصيرنا وسكوتنا وعدم مبالاتنا .
وفيما كنا نخاف من وصول الافكار التكفيرية الى لبنان وتحول الدولة اللبنانية الفاشلة أصلًا الى دولة يرفضها المجتمع الدولي ويرفضها شعب لبنان ، تبدد خوفنا بعد سنوات خاصة ان المشروع التكفيري قضى على نفسه ذاتياً، بعد تأسيس دولته في العراق وسوريا وأخذه الفرصة عنوة لشرح أفكاره التي انهارت ذاتياً ، ولم تعد افكاره جاذبة تاركة خلفها دمارًا وخسائر فادحة، على ان مشغلي هؤلاء الجماعات قرروا الاستغناء عنهم رغم انهم قاموا بتغذيتهم عبر إنزالات جوية وزودوهم بالسلاح والعتاد والغذاء ليعمدوا بعدها الى سرقة خيرات البلاد التي دخلوها .
وهكذا نجد الشعوب المتفرجة الساكتة عن الظلم عملًا بمبدأ “لا شأن لنا طالما كان بعيدًا عنا”، لا يعلمون أن آلية الظلم والظالمين تعمل على أساس أن الجميع مستهدف ، لذلك يخطئ من يظن أن الظلم الواقع على غيره لن يصل إليه، ذلك أن الظالم لا حياة له إلا بتعميم ظلمه ،بل إنه ما أن يفرغ من إيقاع الظلم على الآخرين لا بد أن يطال بظلمه من أعانه عليه بالعمل او بالسكوت والرضا وغض الطرف، ولا محالة من ان الظلم لا بد أن يطال الظالم نفسه وهذا أمر واقع .
*كاتب ورئيس تجمع صناعيي البقاع