لبنان أوكرانيا المنطقة: فشل الترسيم والعتمة متوازيان.. والانتخابات “تقليدية”
كتب منير الربيع في المدن
على وقع تصاعد وتيرة الصراع العسكري والسياسي عالميًا. فالمواجهة المقبلة شديدة العنف. والأرقام الأميركية تقول أن الأمور ذاهبة نحو الحرب: 13 مليار دولار لدعم أوكرانيا، ما يعني إطالة أمد الصراع ورفع نسبة العنف. وهناك مليار ونصف المليار لتمويل القبة الحديدية الإسرائيلية. والرئيس الإسرائيلي يزور تركيا، وهي أبرز القوى المعادية للأسد، بينما واشنطن تعلن قطر حليفًا استراتيجيًا. وموقف الدوحة معروف: رفض التطبيع مع النظام السوري. وهناك خلاف روسي- إيراني على شروط موسكو للسير بالاتفاق النووي ورفع العقوبات عن إيران. وهذه كلها تنعكس على اليوميات اللبنانية.
لبنان أوكرانيا أخرى
ويستعد لبنان لخوض انتخابات نيابية بعد نحو شهرين. والانقسامات كبيرة في المواقف والتوجهات. فكل ما يتعلقّ بالحياد أو النأي بالنفس دفن في كييف. وحتى الطروحات الدولية حول الوضع اللبناني صارت تمرّ عبر الأزمة الأوكرانية. وهذا ما تجلى في بيان وزارة الخارجية اللبنانية المنسق بين رئيسي الجمهورية والحكومة ووزير الخارجية.
ويفتح هذا الموقف مسارًا يجعل لبنان معلّقًا على حبال الأزمات الدولية، والتي تنعكس اجتماعيًا وعلى المساعدات الإنسانية، ما يجعل لبنان أوكرانيا أخرى. فإلى جانب الأزمة المعيشية وارتفاع أسعار المحروقات، يواجه لبنان المزيد من أزمات الطاقة وتعثر وصول الكهرباء الأردنية والغاز المصري، لأن ذلك مرتبط بترسيم الحدود المؤجل بسبب موقف حزب الله الرافض، وضغوط يتعرض لها المسؤولون لرفض مقترح المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين.
ويعود الانقسام حول الاستحقاق الانتخابي إلى قواعده السياسية، بين حزب الله وحلفائه من جهة، وخصومه من جهة أخرى، فيما يتراجع تأثير قوى المجتمع المدني، التي دخلت في صراعات بينية. وتفيد معلومات أن بعض الجهات الغربية التي كانت داعمة لها، بدأت تتراجع في دعمها وحماستها لهذه القوى. وتعود اللعبة السياسية إلى قواعدها التقليدية.
استبعاد النظام السوري
ومن أبرز مؤشرات تصاعد وتيرة الصراع الدولي وانعكاساته على الوضعين اللبناني والسوري، هو ما يمكن أن يُقرأ في سوريا: تراجع الاندفاع العربي للتطبيع مع نظامها، وعدم الاستجابة لاسترجاع مقعدها في الجامعة العربية. فيما يسعى النظام السوري إلى إعادة إظهار حضوره على الساحة اللبنانية، من خلال ترشيحه أشخاصًا موالين له.
لكن الانتخابات لم تعد محطّة فاصلة بالمعنى السياسي الاستراتيجي، مع توقعات تفيد أن الأزمة المحلية مستمرة في المرحلة المقبلة. وسيكون الصراع أكبر على تسوية رئاسية، أو يدخل لبنان في فراغ رئاسي، ومزيد من الانهيارات الاقتصادية والمالية.