كتب نقولا أبو فيصل”بين عام مضى وعام آتٍ.. رحمتك يا رب!
في القديم كان العلماء يفرقون بين كلمة سنة وكلمة عام ، فالاولى كانت تستعمل في حالة الشدة وتزايد الشر كما هو حالنا هذه الايام ، في حين أن الثانية كانت تستعمل في حالة الرخاء والخير، الا أن معظم الناس في ايامنا باتوا يخلطون بين الكلمتين وبات لا فرق بينهما ، كذلك الحال بين عام مضى وعام أتٍ ، حيث لا فرق ايضاً ، فالحياة لا تعرف الفواصل الزمنية ، وحدها مواقفنا هي التي تغير حياتنا وتأكل من أعصابنا وأعمارنا ، والسنوات مجرد أرقام والخاسر هو نحن ، سنة قديمة تمضي وسنة جديدة تأتي ،وهي بالحقيقة مجرد ارقام تتبدل ، ولكن ما بين الارقام من أعمال هو ما يجب ان ننظر اليه فعلاً وأن يبقى أملنا واتكالنا دائماً وابداً على الله وليس على العام الجديد 2023 ، فالعيب فينا وليس في العام الراحل 2022 .
نحن لا نكبر بمرور السنين ، نحن نكبر يومًا بعد يوم بالمواقف وننضج بالظروف ، نكبر بمرور أشخاص في حياتنا يسعدوننا أو يؤلموننا ، نكبر بتلك الاحمال الثقيلة التي لا تظهر للعالم والخفية التي لا يعلمها الا الله وحده، أما العمر فإنه يبقى مُجرد رقمٍ ما لم يتغير شيئًا ما بداخلنا يجعلنا نتأقلم مع الحياة التي جعلها الله متوازنة بين حزن وفرح لاختبار صبرنا في الحزن وشكرنا له في الفرح ، وباعتقادي فإن كل السنوات جميلة ، فليس هناك عام سيء وعام جميل ، الأعوام هي مجرد أرقام تزداد في أعمارنا ، لكن احداثاً تجري في بعض السنين تحفر في قلوبنا وتفقدنا اعزاء قد تجعلنا نلعنها ونسميها سنوات منحوسة .
هكذا الأعوام اصدقائي ، عام يرحل وعام يأتي ، ولكنه مع مرور الايام والسنين تتلاشى الكثير من الأحزان وتتجدد الأفكار ، تولد الأحلام وتتبدل القلوب وتتغير النفوس ، غائبون يعودون وحاضرون يغيبون ، وقد يكون البقاء والرحيل مرهونين بالمصلحة في غالب الاوقات، يغير الله الأحوال من حال إلى حال ، ويحدث الكثير مما لا يخطر على البال لذا نسألك ربي أن تغير حالنا إلى الاحسن وانت عليم بما في قلوب اللبنانيين من قهر وألم.
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب”جزء 5