ما جديد التحقيقات في التحويلات المالية للخارج؟
استكمل القضاء اللبناني الإجراءات القانونية واللوجستية، الممهدة لاستقبال الوفود القضائية الأوروبية القادمة من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ، نهاية الأسبوع الحالي، للتحقيق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومسؤولين في البنك المركزي وأصحاب مصارف لبنانية كبرى، لتحديد مصادر أموال سلامة الموجودة في مصارف أوروبية، وتحويلات مالية حصلت من لبنان إلى الخارج خلال السنوات الأخيرة.
وأسهمت الاتصالات التي حصلت في الأيام الماضية بين النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، والمراجع القضائية في الدول الأوروبية الثلاث، في إدخال تعديلات جوهرية على مهمّة الوفود الأوروبية، وكشف مرجع قضائي لبناني لـ«الشرق الأوسط»، أن «كلّ التباينات التي برزت بين الجانبين اللبناني والأوروبي تبددت نهائياً؛ إذ تمّ الاتفاق على توحيد الإجراءات وآلية حصول التحقيقات». وتحدث عن «تعديلات طرأت على مهمّة الفريق الأوروبي، بحيث اتفق الطرفان على عقد جلسات الاستجواب في القاعة الرئيسية لمحكمة التمييز في الطابق الرابع من قصر العدل في بيروت، بحضور قضاة من النيابة العامة التمييزية اللبنانية، يتولون بأنفسهم مهمّة الاستجواب وطرح الأسئلة التي يحملها القضاة الأوروبيون بحضور هؤلاء القضاة، وذلك ضمن تنفيذ استنابة قضائية ترعاها اتفاقيات التعاون الموقعة بين لبنان ودول الوفود الثلاثة والتي تحترم صلاحيات القضاء المحلّي».
وأحدث القرار الذي اتخذته فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ، ضجة في الأوساط القضائية والسياسية في لبنان؛ خصوصاً عندما تبلغت النيابة العامة التمييزية بموعد قدوم الوفود القضائية؛ لاستجواب 30 شخصية مالية ومصرفية، بينهم رياض سلامة، من دون استنابة قضائية، أو طلب مساعدة من السلطات اللبنانية، بما يشكل انتهاكاً لسيادة القضاء اللبناني وصلاحياته. وقال المرجع القضائي اللبناني الذي رفض ذكر اسمه، إن «مهمّة الوفود الأوروبية تنطلق يوم الاثنين المقبل، وهي مقسمة على مراحل عدّة». ولفت إلى أن «المرحلة الأولى محددة بخمسة أيام، تبدأ الاثنين، وتنتهي يوم الجمعة، يخضع خلالها 16 شخصاً للتحقيق، ليس من ضمنهم رياض سلامة، وهي ستشمل مسؤولين كباراً في البنك المركزي ومديري مصارف لبنانية». وأضاف: «إن النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات كلّف رئيس قسم المباحث الجنائية المركزية العقيد نقولا سعد، بمهمّة تبليغ الأشخاص المطلوب استجوابهم مواعيد الجلسات، وأن الأخير باشر تنفيذ التبليغات فوراً».
واستباقاً لهذه المهمّة التي ستحاط بإجراءات أمنية مشددة، التقى القاضي غسان عويدات في مكتبه، ظهر أمس، وفدين من السفارتين الفرنسية والألمانية، وجرى البحث في ترتيبات وصول الوفود القضائية وتحديد آلية التعاون بين الطرفين، كما عاين وفدا السفارتين قاعة محكمة التمييز في الطابق الرابع من قصر العدل في بيروت، التي ستجري فيها الاستجوابات والإجراءات التي سترافقها.
وعبّرت الأوساط القضائية عن ارتياحها للتطورات التي حصلت، وأكد مصدر متابع لهذا الملفّ لـ«الشرق الأوسط»، أن «التعاون حصل في السابق، وسيتم التعاون مجدداً مع أي تحقيق خارجي في الملفات المالية، وتحديد مصادر الأموال المحولة من لبنان إلى الخارج». وشدد على أن «القضاء اللبناني معني أكثر من القضاء الأوروبي بمعرفة طبيعة تحويل الأموال، وما إذا كانت شرعية أو هي عائدة للخزينة اللبنانية، لكن بشرط سلوك الإجراءات الصحيحة التي تراعي سيادة لبنان واحترام مؤسساته». واعتبر أن «النتائج التي ستنتهي إليها التحقيقات ستخدم مسار التحقيق الذي يجريه القضاء اللبناني؛ لأنه سيطلع على كل المعلومات المتوفرة للقضاء الأوروبي، وسيبني عليها إجراءاته في المرحلة اللاحقة».
الشرق الأوسط