صندوق أسود بالطابق الثالث بـ”التربية”.. والمدارس الخاصة إلى الإضراب
بعد انهيار التعليم الرسمي جاء دور التعليم الخاص، الذي لن يكون بمنأى عما يحصل في البلد. وستشهد الأيام المقبلة العودة إلى الصراعات المعتادة بين إدارات المدارس والأساتذة وأهالي الطلاب، وسط إضرابات للأساتذة، تشل القطاع.
إضراب مفتوح
طلائع التصعيد بدأت مع دعوة نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوظ الأساتذة في جميع الفروع إلى المشاركة في الجمعيات العمومية يوم الإثنين المقبل، والدعوة إلى إضراب تحذيري يوم الأربعاء في الأول من شباط، واستفتاء الأساتذة لتفويض المجلس التنفيذي باتخاذ الخطوات التصعيدية اللاحقة.
ويقول النقيب محفوظ لـ”المدن”: “بتنا في جهنم ولا أحد من المسؤولين يسمع صرخة الأساتذة”. وشرح أنه سبق واتفق مع اتحاد المدارس على ضرب راتب الأستاذ بثلاثة وتحديد جزء بالدولار النقدي، كي يتمكن الأساتذة أقله من دفع فاتورة الكهرباء في بيتهم. فلا يجوز أن يتحمل الأستاذ تبعات الانهيار وحده.
ولفت محفوظ إلى أن العديد من المدارس ما زلت تدفع مليوناً ونصف المليون ليرة راتب أستاذ الثانوي من دون أي مبلغ بالدولار، فيما العديد من المدارس لا تدفع أكثر من خمسين دولاراً كحوافز لأساتذة، وقلة قليلة تدفع ما بين مئة وثلاثمئة دولار، في وقت بات اشتراك مولد الكهرباء مئتي دولار وأكثر.
وإذ أكد محفوظ أنه حرص على تمرير العام الدراسي من دون اضطرابات، بعد ثلاثة أعوام كانت كارثية على التربية والتعليم، لكن لا يجوز أن يدفع الأستاذ ثمن الانهيار. فقد وصل سعر صرف الدولار إلى ستين ألف ليرة وتنكة البنزين إلى مليون ومئة ألف ليرة، فيما راتب العديد من الأساتذة ما زال مليوناً ونصف مليون ليرة. وحذر من أن مواصلة إدارات المدارس في إدارة أذنها الطرشاء للأساتذة يعني التصعيد. فالأساتذة في القطاع الخاص لن يصمتوا بعد اليوم والإضراب المفتوح بات خياراً أكثر من راجح في حال لم تنفذ المدارس الاتفاقات السابقة.
المدارس الكاثوليكية
ثاني طلائع التصعيد أتى من الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية، التي قررت رفع بدل النقل للأساتذة بحسب أمكان سكنهم وإعطاء “فرصة مدرسيّة من مساء الثامن من شباط ولغاية صباح الخامس عشر منه كمبادرة تقدير وتفهّم تجاه مكوّنات الأسرة التربويّة جمعاء، وتنفيس الاحتقان الحاصل في صفوف الهيئة التعليميّة”، والانتقال إلى التعليم لأربعة أيام في الأسبوع عوضاً عن خمسة.
ورغم أن هذه الفرصة المدرسية لن تأخذ من درب الطلاب إلا يومين بسبب مصادفة عطل رسمية وعطل نهاية الأسبوع، يتخوف الأهل من تعرضهم لعملية ابتزاز لاحقاً لرفع الأقساط بذريعة رفع رواتب الأساتذة. فما أقدمت عليه المدارس الكاثوليكية سيعم على باقي المدارس، ويقع الأهل ضحايا من جديد. وتقول رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة لما الطويل: “لن يرضخ الأهل للتهويل. فلتخضع المدارس موازناتها للتدقيق وليأخذوا حقهم تحت سقف القانون. فكل المدارس ضاعفت أقساطها مرتين وثلاثة مرات بالليرة اللبنانية وخصصت جزءاً من القسط بالدولار. وفي حال كان هناك من حاجة لرفع الأقساط تكون ضمن القانون”.
الصندوق والموازنات المدرسية
ووفق مصادر “المدن” بدأت بعض المدارس برفع الأقساط بالليرة، لكن ما زالت الأمور غير فاضحة، لأن تلك المدارس لم ترفع القسط سابقاً. لكن بدأ أهالي الطلاب بالتقاط إشارات عن عزم المدارس الخاصة رفع الأقساط بحجة ارتفاع سعر صرف الدولار وارتفاع مطالب الأساتذة برفع رواتبهم. علماً أن مدارس عدة أبلغت أساتذتها أنه في حال فرضت نقابة المعلمين مضاعفة الرواتب ثلاث مرات، ستتوقف عن دفع جزء الحوافز المخصص بالدولار النقدي. ما يعني أن الأمور ستتعقد أكثر وأكثر.
وتضيف المصادر أنه كان بإمكان وزارة التربية تلافي مشكلة جديدة سنتفجر عاجلاً أم آجلاً في القطاع الخاص، وتوفر على نفسها أزمة جديدة تضاف إلى الفوضى التربوية في القطاع الرسمي. فعلى الوزير الحلبي فتح الصندوق الأسود في الطابق الثالث بوزارته لوقف تجاوزات المدارس الخاصة. فثمة مدارس لا يوجد فيها حتى لجان أهل يتم تمرير موازنتها من دون تدقيق في مصلحة التعليم الخاص. حتى أن هناك موازنات توقع من مدير المدرسة يتم قبولها من الموظفين في الطابق الثالث للوزارة.
وتلفت المصادر إلى أن المدارس الخاصة لا تلتزم بالتعميم رقم 33 الذي أصدره الوزير عباس الحلبي، الذي ينصّ على إدخال كل الإيرادات بأي عملة كانت في ملحق خاص بالموازنة المدرسية وإجراء تدقيق فيها من خبراء محلفين. علماً أن التدقيق يعفي الأهل والوزارة والمدارس والأساتذة الدخول في كباش، الجميع بالغنى عنه.
ووفق المصادر، عدم التزام المدارس بالعميم 33 يفرض تدخل مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية، التي بات عليها التدقيق في كل الموازنات كما تنص المادة 13 من قانون 515. لكن المصلحة تحولت إلى صندوق أسود لتغطية تجاوزات المدارس.
المدن