النائب ياسين ياسين لـ”أساس”: فشلنا جميعاً و”جهنّم” مستمرّة
يغيب لبنان عن خارطة اهتمام المجتمع الدولي ولا يدخل في سلّم أولويّاته. النصيحة الوحيدة التي حملها وفد النواب اللبنانيين من واشنطن تقول: “ساعدوا أنفسكم لنساعدكم”. والخلاصة، التي عاد بها النائب ياسين ياسين الذي كان في عداد الوفد النيابي، هي أنّ عامل الثقة بلبنان بات مفقوداً وبداية استعادته تكمن في انتخاب رئيس جمهورية، وأنّه يُفترض بمجلس النوّاب العاجز أن يقوم بدوره، ورفض ياسين حصر المسؤولية بالنواب التغييريين، معترفاً بجرأة بأنّه غير راض عن أدائه وأنّ زمن التسويات والصفقات ولّى، فلا جلسة تشريعية، ولا جلسة انتخاب للرئيس، وقانون الكابيتول كونترول بات من وجهة نظره “لزوم ما لا يلزم”.
في حديث إلى”أساس” تكلّم ياسين عن لقاءات واشنطن مع المسؤولين الأميركيين والانطباعات التي خرج بها حيال لبنان وأزمته، قائلاً إنّ “ثورة 17 تشرين عمل تراكمي وعودتها قد تكون صعبة في ظلّ الوضع الراهن”.
التشريع والكابيتول كونترول والمصارف
رأى ياسين أن “لا جلسة تشريعية سوف تُعقد بعدما جدّد رئيس التيار جبران باسيل موقفه الرافض المشاركة فيها. باتت الأمور متشعّبة جداً. في السابق كان يمكن لجم الوضع باتفاقية أو بمحاصصة أو تسوية. لكن اليوم خرجت التطوّرات عن السيطرة وصارت “فلتانة”. وسقطت مؤسّسات الدولة والمحاصصة. ووصل الانهيار إلى الوضع التربوي والقضائي والأمنيّ. خمسة مصارف أُحرقت والفاعل بقي مجهولاً. والدولار يحلّق ويصعب لجمه، وحتى صاحب القرار المالي اعترف بعجزه. ولمسنا من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن أنّهما في وادٍ والحكومة في وادٍ”.
عن لقاءات النواب في واشنطن قال ياسين: “اجتمعنا في واشنطن مع البنك الدولي وصندوق النقد ومع وفد يمثّل وزارة الخارجية ومع بعض المجموعات من الجالية اللبنانية
وعن الكابيتال كونترول قال: “كان واضحاً أنّ طريقة مجلس النواب في تقديم القانون تجعله يستغرق وقتاً في النقاش. الحكومة هي المولجة إقرار الأمور الماليّة والموازنات وليس مجلس النواب. وضرب مثلاً تعرّض بيروت لقصف إسرائيلي في عهد الرئيسين شارل حلو ورشيد كرامي، ومع ذلك أُنجز الكابيتول كونترول في بيروت بساعات. وهذا هو التعاطي الصحيح، وليس أن نرمي قانوناً بهذا الحجم إلى النواب فيتمّ إرجاؤه وتقاذفه من فريق إلى آخر. واليوم نحن نقرّ قانون الكابيتول كونترول على رأسمال غير موجود. لذا كان يجب على الحكومة إقراره منذ كان هناك رئيس للجمهورية وحكومة أصيلة. أمّا بعدما تمّ تهريب رأس المال فيجب أن نعدّ سلّة كاملة متكاملة تضمن الإصلاحات. ولا بدّ من تعليق قانون السرّية المصرفية بمفعول رجعي ليتسنّى لنا القيام بتحقيق يُظهر من هرّب رأسمال الدولة”.
واعتبر ياسين أنّ “القاضية غادة عون تستخدم الاستنسابية ضمن المصالح الضيّقة، وتقوم بجزء من الصورة، وما يحصل في الجسم القضائي جنون”.
ورفض ياسين حجّة المصارف في الإقفال، معتبراً أنّها “المسؤولة عن أموال الناس، لكنّها أفلست وتريد حماية نفسها والضغط لإقرار قانون الكابيتول كونترول الذي يحميها. ومن حقّ المصارف البقاء في السوق، لكن بشرط إعادة الأموال إلى أصحابها، وليس مطالبة الدولة بتسديد خسارتها”.
لقاءات واشنطن وسحب هبة القوى العسكرية؟
عن لقاءات النواب في واشنطن قال ياسين: “اجتمعنا في واشنطن مع البنك الدولي وصندوق النقد ومع وفد يمثّل وزارة الخارجية ومع بعض المجموعات من الجالية اللبنانية. سبق أن وقّع لبنان مع صندوق النقد الدولي اتفاقية منذ ما يقارب سنة تنصّ على ثمانية مطالب، أربعة منها تتعلّق بقوانين وأربعة تتّصل بإقرار موازنة وإجراء تحقيق مع 14 مصرفاً. وسألتُ صندوق النقد: كم أنجزت الحكومة من المطالب؟ فكان الجواب صفراً. وطالب الصندوق برفع السرّية المصرفية الذي أقرّه مجلس النواب، لكن ليس على قدر المطلوب، ولم يُطبّق بحدّه الأدنى. والكابيتول كونترول مرّ في اللجان المشتركة، لكنّه أصبح لزوم ما لا يلزم”.
أمّا عن استجرار الغاز من مصر والأردن فاعتبر ياسين أنّه “ليس على جدول الأعمال لعام 2023. والإدارة الأميركية تفكّر في سحب الهبة البالغة 72 مليون دولار المقدّمة إلى الجيش. في رأيهم أنّ الهبة لن تغيّر الواقع ولن تلجم الانهيار. وإذا سُحبت الهبة أو لم تُسحب فلا هبة أخرى. وضعنا سيّئ بفعل ما جنته أيدينا. نحن اللبنانيين لا نريد الإصلاح. كان المطلوب من لبنان إعداد موازنة تحاكي الأمن الاجتماعي، فأُعدّت موازنة لا فائدة منها حسب صندوق النقد. حين نعجز عن إقرار موازنة لعام 2023، وتُقرّ موازنة 2022 في الشهر العاشر من السنة، فهذا يعني أنّنا عاجزون عن إدارة شؤون حياتنا المعيشية. ولم يتطرّق الحديث إلى حاكم مصرف لبنان ولا إلى العقوبات، وجرى التركيز على الإصلاحات. وعن انتخاب رئيس جمهورية “قالوا ساعدوا أنفسكم كي نساعدكم. لبنان يحتاج إلى المصداقية وإلّا فلا شهادة حسن سلوك على الأداء القائم. الإصلاح هو البداية”. لكنّ ياسين قال في هذا السياق: “أداؤنا في السنوات الثلاث الماضية يثبت عكس ذلك”.
اعتبر ياسين أنّ “القاضية غادة عون تستخدم الاستنسابية ضمن المصالح الضيّقة، وتقوم بجزء من الصورة، وما يحصل في الجسم القضائي جنون”
انتخاب الرئيس
عن إمكان انتخاب رئيس قال: “كان المجلس مؤلّفاً في السابق من فريقَيْ المعارضة والممانعة. وبعد انتخابات عام 2022 صار لدينا فريق من التغييريين يمثّل قرابة عشرة في المئة من مجلس النواب. إذا استمرّ كلّ طرف على موقفه فالنتيجة تبقى ذاتها. حين اتّفق الفريقان في الماضي انتخبوا رئيساً توافقياً أوصلنا إلى جهنّم. واستمرار الأداء ذاته اليوم يعني تكريس هذا النهج. المطلوب رئيس إنقاذي خارج الاصطفافات يستطيع تحمّل مسؤولية الملفّات المالية والاقتصادية وتفجير المرفأ والإصلاح القضائي. ندرك أنّه لن يحمل العصا السحرية ليبدأ الحلّ منذ تسلّمه، لكنّنا نضمن على الأقلّ الانتظام المؤسّساتي”.
إنّ احتمال أن يدعو الرئيس برّي إلى جلسة “غير واضح”، حسب ياسين، فـ”الواضح أنّه لن يدعو إلى جلسة لأنّ الأوضاع معقّدة. وما سمعته في واشنطن هو أنّ هناك عدّة خطوات يتوجّب تحقيقها: ترسيم الحدود، انتخابات رئاسية، تشكيل حكومة، التعاون مع صندوق النقد، واستجرار الغاز. وقد رأينا من خلال الورقة الكويتية أو الاجتماع الثلاثي الفرنسي الأميركي السعودي أنّ التشديد هو على انتخاب رئيس للجمهورية بمواصفات معيّنة”.
النوّاب وزعامة السُّنّة
عن مسؤولية النواب السُّنّة قال إنّ “انتخاب الرئيس يقع على عاتق كلّ النواب وليس على النواب السنّة فحسب. ويجب على الجميع أن يعوا خطورة المرحلة وعدم تكرار النهج الماضي”.
انطلاقاً من كونه نائباً تغييرياً، قال: “أريد للبنان قيادة لبنانية حكيمة وليس زعامة. وأطالب بقائد لبناني يتوجّه بلبنان إلى برّ الأمان عبر تطبيق الدستور وإلغاء الطائفية”. وأقرّ ياسين بعدم رضاه عن أداء أيّ نائب، مشيراً إلى “ضرورة محاسبة النواب التغييريين الـ 12 حسب حجمنا في البرلمان. فنحن نحمّل النواب التغييريين أكثر من دورهم. وأنا لست راضياً عن أدائي، لكن ما الذي بوسعي فعله؟ المسألة عبارة عن تراكم عمل. انبثق التغييريون عن 17 تشرين التي هي عمل تراكمي. ونحن رفضنا أن يكون الحراك غير سلمي. وطريق التغيير طويل، وهو عمل تراكمي. نحن نريد بناء الدولة، ونحمل كرة نار في يدنا”.
إقرأ أيضاً: الأمنيون لميقاتي: نقوم بواجبنا قوموا بواجبكم
أمّا الحلّ فيأتي، وفق ما رأى ياسين، من خلال مسؤولين على قدر المسؤولية، وانتخاب رئيس وانتظام العمل المؤسّساتي وتشكيل حكومة أصيلة. لكنّ النواب “لا يقومون بدورهم لأسباب سياسية. فكلّ منهم يتبع نهجاً ويقدّم الطائفة على الوطن ويرتهن بالخارج”.
ختم حديثه بالقول: “لطالما كان لبنان مرتهناً بالخارج في انتخاب رئيس الجمهورية. واليوم لدينا فرصة لانتخاب رئيس إنقاذي من إنتاج لبناني من خارج الاصطفافات السياسية. وفي ظلّ الحرب الأوكرانية لم يعد لبنان على رأس أولويّات الدول وغير مدرج على جدول العمل الدولي”.
غوى حلّال