كتب نقولا أبو فيصل “بين نهاية جمهورية ناغورنو كاراباخ وعصر الانحطاط”
من كتاب”أرمينيا موت وحياة تتجدد!”
Armenia death and life renewed
يزول اقليم ناغورنو كارباخ والاسم الاحب الى قلبي كان “آرتساخ” من الوجود مع نهاية العام 2023 بعد أن جرى ترحيل سكانه من الارمن إلى ارمينيا تاركين وراءهم كل ما يملكون : أرضهم، منازلهم واعمالهم ، تخيلوا أنفسكم بدلاً منهم او مكانهم ! حتى لو كانوا غاضبين من حكومة ارمينيا كونوا متسامحين معهم ، اعطوهم الحب ،لديهم جروح كبيرة وعلينا مساعدتهم على الشفاء من الصدمة الكبيرة ، ولن نتمكن من القيام بذلك إلا بالحب ، دعونا نساعدهم على الشعور وكأنهم في بيوتهم ، في الاصل أرمن آرتساخ هم في بلدهم ارمينيا ومرحب بهم ، هم الذين فضلوا العيش في دولة صغيرة غير معترف بها ، محاطة بجيش معادٍ ورفضوا الحصول على الجنسية الأذربيجانية مقابل تلقيهم دروساً معادية للأرمن تغذيها حكومة باكو التي حاولت أيضاً إعادة كتابة تاريخ ناغورنو كاراباغ وتقديم الأرمن الذين عاشوا في الاقليم منذ القرن السادس قبل الميلاد كوافدين جدد ، حيث يُشار إليهم دائماً بشكل سلبي في وسائل الإعلام الأذربيجانية ويتم تقديمهم على أنهم أعداء تاريخيون أشرار.
والان بعد كل ما آلت اليه الاوضاع في آرتساخ وتخلي الارمن عن ممتلكاتهم هناك ، هل من يقدم لشعبنا تقديراً بحجم الخسارة المادية التي تكبدوها، ضف عليها حجم الخسائر في الارواح والتي لا تقدر ، ضف عليها خسارة التاريخ ، الثقافة، والاهم خسارة الوجود! وفي هذا السياق كتب صديقي كيفورك ساريان يسأل :هل سوف يتخلى ارمن ارتساخ عن ممتلكاتهم بهذه السهولة؟يتابع للتبسيط اسمحوا لي أن أقول إن 4400 كيلومتر مربع من الأرض تساوي 440 ألف هكتار، أو 4 مليارات و400 مليون متر مربع. وإذا ضربنا تكلفة المتر الواحد في القيمة السخيفة البالغة 1 دولار، فهذا يعني أننا تركنا للعدو 4 مليارات و400 مليون دولار. الآن دعونا نجمع الممتلكات الموجودة من مصانع , مستشفيات ، مدارس ، ذخيرة ، عتاد ودمائنا ودموعنا المسفوكة على تلك الأرض ….تخيلوا ماذا خسرنا؟ هذه هي الحقيقة المتكررة الأكثر إثارة للدهشة والتي تميز تاريخنا ، وهكذا أصبحت أمتنا أكثر فقراً وتزداد فقراً طوال الوقت.
نعم كان من المشكوك فيه أن يتم تفريغ آرتساخ بهذه السهولة، وصحيح ايضاً أن الدبلوماسية الارمنية قد فشلت في إقناع العالم بضرورة الاعتراف بآرتساخ دولة مستقلة ، حتى ارمينيا نفسها لم تعترف يوماً بآرتساخ دولة مستقلة ، او المطالبة بضمها الى ارمينيا كونها أرض أرمنية ويسكنها الأرمن، والسؤال هل يعرف ارمن الانتشار الذين دفعوا الغالي من اجل ارتساخ ماذا خسروا ؟ وان التخلي عن التراث الذي سلمته الأجيال السابقة التي تعود إلى قرون مضت وتسليمه الى العدو هو أمر محزن جداً .لكن يبدو ان التطهير العرقي بات يتكشف أمام أعيننا في آرتساخ ، وها هم أرمن هذا الاقليم يغادرون وطناً عمره أكثر من 2000 عام ، بعد ان خسروا ما يقارب الخمسين الفاً من الشهداء الاموات والاحياء من معاقي الحرب الذين راحت دماؤهم هدراً ، ولكل شعب آرتساخ الذي ينتقل الى ارمينيا وربما منها الى العالم أقول تذكروا كلمات الشاعر الأرمني باروير غازاريان المعروف بباروير سيفاك :” أينما تذهب وأينما تكون وتحت هذا النور أينما تعيش حتى لو نسيتني أنا فلا تنسى لغتك الأم”
نقولا أبو فيصل