كتب نقولا أبو فيصل “المسيحية في ارمينيا”(جزء 2)
“من كتاب “أرمينيا موت وحياة تتجدد
Armenia death and life renewe
على الرغم من إعلان المسيحية ديناً رسمياً في أرمينيا ، فإن طقوس وتراتيل الكنيسة الارمنية لم تكن تكتب باللغة الام بسبب عدم وجود الابجدية ، وقد بقي الايمان المسيحي بعيداً وغريباً عن شرائح واسعة من الشعب الارمني ،وبسبب عدم وجود الابجدية الارمنية كان الكتاب المقدس ُيقرأ باللغة السريانية واليونانية ، لذلك ارتأى آباء الكنيسة الارمنية أن يتم وضع أبجدية خاصة ليتسنى ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة الارمنية، والحفاظ على الهوية ، لا سّيما بعد تقسيم أرمينيا في العام 387 في ظل محاولة الرومان والفرس الرامية إلى صهر هذه الهو ّية ، مما أستدعى اجتماعاً بين فرامشابوه حاكم ارمينيا وقتها الذي تمّكن من توحيد شطريها مع الراهب المبدع ميسروب ماشتوتس باعتباره الكاتب الملكي بحضور الكاثوليكوس ساهاك بارتيف وتكللت جهودهم بنجاح ماشتوتس في اختراع الابجدية الارمنية في العام 406، تلاه ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة الارمنية ، كما أن الكاثوليكوس نرسيس الكبير يعتبر الاب الروحي للكنيسة الارمنية ، وهو الذي عمل بعد سنة من تو ّليه رئاسة الكنيسة الارمنية في العام 354 في مدينة آشديشاد على بناء دور رعاية الفقراء والايتام والمسنين والمستشفيات ودور الضيافة والمؤسسات الخيرية الاخرى، كما منع زواج الاقرباء ، وأوصى بالابتعاد عن الُسكر والزنا والقتل، والتعامل مع الخدم برفق وعدم إثقال كاهل الشعب بالضرائب ، وساهم بقوة في بناء الاديار والمدارس ،كما قام بتنظيم الزواج وفق المفهوم االمسيحي، ومنع العادات الوثنية السائدة آنذاك،
وفي العام 1293 استقر مقر الكنيسة الارمنية في مدينة سيس عاصمة مملكة كيليكيا الارمنية، وظل فيها قرابة 65 عاماً، وبعد سقوطها في العام 1375هاجر عشرات الالاف من الارمن من كيليكيا بسبب ضغوط ومحاولات الكنائس الاخرى في فرض آرائها وتعاليمها على الكنيسة الارمنية في كيليكيا. كل هذه الظروف دفعت رجال الدين الارمن إلى التفكير جّدياً في ترك مدينة سيس والانتقال إلى اشميادزين المقدسة ، ولكن الكاثوليكوس كريكور التاسع موسابيكيان، وبسبب كبر سنه، كان غير قادر على الانتقال إلى أشميادزين، فقدم استقالته ، واستناداً إلى هذه الظروف انعقد مجمع كنسي أرمني في العام 1441 ضم اكثر من 300 أسقف وراهب وكاهن، إضافة إلى العلمانيين ، وبعد مناقشات، تم انتخاب كيراكوس الاول فيرابيتسي كاثوليكوساً جديداً للارمن الارثوذكس ، وبذلك عاد مقر الكنيسة الارمنية إلى موقعه الاصلي في أشميادزين المقدسة.
هيكلية الكنيسة الارمنية الارثوذكسية حالياً هي اربعة واربعين أبرشية موزّعة في أنحاء العالم كافة، وترتبط بكاثوليكوسيتين وبطريركيّتين : الاولى كاثوليكوسية عموم الارمن في أشميادزين: ويرأسها قداسة كاريكين الثاني نرسيسيان كاثوليكوس عموم الارمن، وهو الكاثوليكوس الـ 132 للكنيسة الارمنية على هذا الكرسي. ثانياً : كاثوليكوسية دار كيليكيا الكبير في أنطلياس – لبنان ويرأسها قداسة آرام الاول كشيشيان. ثالثاً بطريركية القدس: ويرأسها حالياً رئيس الاساقفة توركوم مانوكيان، وتتبع كنسياً كرسي أشميادزين , رابعاً بطريركية القسطنطينية: ويرأسها حالياً رئيس الاساقفة ميسروب موتافيان، وتتبع كنسياً كرسي أشميادزين. في العام 1742 أُعيد تجديد البطريركية الارمنية الكاثوليكية في كيليكيا ولم يستطع البطريرك المنتخب أبراهام اردزيفيان العودة إلبها بسبب عدم اعتراف الحكومة العثمانية به، فلجأ إلى دير الكريم في بزمار لبنان. اما بطريركية الارمن الكاثوليك فيرأسها البطريرك رافايل مينيسيان في كل العالم ومركزها في الاشرفية -بيروت .
بحث نقولا ابو فيصل