كتب نقولا أبو فيصل “كوميداس الكاهن المعلم والموسيقي المبدع”!
من كتاب “أرمينيا موت وحياة تتجدد”
Armenia death and life renewe
ولد سوغومون سوغومنيان “كوميداس”الاسم الكنسي له في العام 1869 في مدينة (كوتاهيا قرب أسطنبول ، والده كيفورك سوغومنيان ووالدته تاكوهي هوفهانيسيان من مدينة بورصا ، كان والده وعمه مساعدين للكاهن في كنيسة القديس تيودوروس في كوتاهيا، وما زال كبار السن في المدينة يغنون بشغف الأغاني باللغة التركية التي قام والده ووالدته بتأليفها وتلحينها. توفيت والدته في العام 1870 أما والده فقد توفي في العام 1880، وبعد وفاتهما أعتنت به جدته مريم . دخل المدرسة في العام 1876، وتخرج منها في العام 1880،وتم إختياره من بين عشرين طفلاً يتيماً لأرساله الى إيتشميادزين مقر الكنيسة الأرمنية ، وذات يوم لم يفهم الاجابة على الكاثوليكوس باللغة الأرمنية الذي غضب منه وكاد يرفضه ، ليجيبه الطفل : أنا لا أتقن اللغة الأرمنية لكنني أغني بالأرمنية وبدأ يغني فتأثر الكاثوليكوس بصوته وبكى ثم تعلم الصبي الموهوب اللغة خلال عام واحد ، وتم قبوله في سن 12 عاماً في معهد للرهبان في إيتشميادزين الذي يعد أهم معهد تعليمي للاهوت والفلسفة والأدب والموسيقى
رُسم شماساً ثم كاهناً في العام 1894، وعندما كان يقف إلى جانب كرسي الكاثوليكوس كيفورك الرابع ليرتل بمفرده ، كانت عيناه تدمعان عند سماعه وتذرفان دموعاً , وسمي كوميداس على أسم كاثوليكوس أرمني من القرن السابع الميلادي الذي كان هو أيضاً شاعراً وموسيقياً . وفي العام 1899 جرى تعيينه كبير أساتذة الموسيقى في مقر الكاثوليكوسية وأشرف على جوقة الكنيسة ، واثناء العطلة الصيفية كان كوميداس يبقى في المعهد بعكس زملائه الذين كانوا يذهبون الى قراهم ،وكان ينتظر الزوار لكي يستمع الى صلواتهم ويسجلها. ويذكر أنه كان يردد بصوته النوتات الأرمنية: (خو، نيه، با، بو)، والأوروبية: (دو، ري، مي، فا، صول). حتى أطلقوا عليه رفاقه تسمية الـ (نوتجي) وكان لديه موهبة في تعليم الأغاني بسرعة كبيرة. وهكذا درس تلاميذه خلال أسبوعين القداس على يديه. من أعماله أكثر من ثلاثة آلاف لحن أرمني، كردي، أيراني وعربي، ومئات الكتب وعشرات الدفاتر التي تحوي نوتات أرمنية وأغاني شعبية.
أشهر أغاني كوميداس (أيتها المدهشة) كتبها في أسطنبول في العام 1913 بمناسبة ذكرى 1500 سنة على اختراع اللغة الأرمنية ،له الكثير من الأغاني الراقصة مثل (شوغير جان ، الحبيبة شوغير، خومار خاركي ، كنا كنا ، أذهبي أذهبي ، وغيرها من أغاني الحُب والشوق ، والأغاني القروية والوطنية وأغاني الغربة والعمل، وأناشيد وأغاني خاصة بالحصاد، وأغاني طقسية للأعراس والأفراح، وتراتيل دينية. في العام 1915 شاهد كوميداس قتل وتهجير مئات الألاف من المسيحيين الأرمن ، الأشوريين والكلدان والسريان وغيرهم ابان الابادة الجماعية ، وما رآه من عذابات خلال التهجير جعل توازنه النفسي يختل ، وأمضى بقية حياته في مستشفى في إسطنبول، ثم نقل في العام 1919 الى دار للرعاية في باريس الى أن توفي في العام 1935 وتم نقل رفاته الى يريفان ليرقد في مدافن العظماء “البانتيون”، وقد أطلق أسمه على شوارع ومدارس في أرمينيا، وهناك متحف خاص بأسمه، والتمثال الذي في الصورة يعود له في إحدى الحدائق العامة في يريفان.
بحث نقولا ابو فيصل