كتب نقولا أبو فيصل “بين شمعة ودمعة …وهجرة بلا رجعة” !
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب “جزء 6
رحيل شخص أو شعب من بلد الى آخر يحمل في طياته الأمل والحزن، وإذا كانت الشمعة هي رمزٌ للأمل والإيجابية والبدايات الجديدة، فإن الدمعة هي رمزٌ للحزن والفقدان والوداع . وهكذا الهجرة تحمل في طياتها مزيجًا من المشاعر المتضاربة بين الأمل والحزن. والهجرة هي نوع من أنواع البلاء الذي أصاب البلاد العربية ، مثله مثل الموت تماماً ، ومَن وطأت قدماه القارة العجوز وتَحَمل مشقة السفر وعناءه لشهور طويلة، لن يعرف طريق العودة، وإن عرفه زائراً بعد سنين طويلة وثقيلة تكون جذوره قد اقتلعت من هذه الارض . والحقيقة المرة انه مرّت سنوات عديدة على موجة الهجرة أو التهجير، رحل خلالها أكثر من ثلاثين مليون عربي من فلسطين ولبنان وسوريا والعراق والسودان واليمن الذين أتعبتهم الحروب في بلادهم، هؤلاء جميعهم استقر بهم الحال في الدول الأوروبية وكندا والولايات المتحدة ودول أخرى تمنح اللجوء والإقامة التي في نهايتها تعطي حق المواطنة المفقودة في بلادنا للمهاجرين طوعاً والمهجرين قسراً على السواء .
وبغض النظر عن الظروف السيئة التي واجهها المهاجرون للوصول الى حيث هم اليوم ، الا أن بعضهم حقق تحسنًا في ظروفه الحياتية بعد الهجرة، ربما من خلال العثور على فرص عمل أفضل أو بناء حياة جديدة في بلد جديد بينما عانى آخرون من خسائر كبيرة، بما في ذلك تدمير منازلهم ومحلاتهم ومصانعهم أو فقدان جنى العمر في حروب ونزاعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل . وهذا يبرز التباين الكبير في تأثيرات الهجرة على حياة الأفراد والعائلات العربية المهاجرة او المهجرة ولأبناء هؤلاء المعذبين في الارض أقول لا تتخلوا عن اهلكم في البلاد الجديدة ،ربما لم يكن طريقهم وقد سلكوه من أجلكم فقط مع ما تضمنته الهجرة من قساوة ومواقف صعبة تبعاً للظروف التي يواجهها المهاجرون والتي بدأت من فقدان الوطن والأصدقاء والعائلة ،وكلنا يعلم كم هذا مؤلم ويسبب صدمة نفسية.
ولا يمكن إغفال المخاطر الجسدية التي يواجهها بعض المهاجرين والإصابة أو الوفاة أثناء رحلتهم، سواء عبر البحار أو المناطق المحظورة أو خلال التهريب.وصولاً الى صعوبة الاندماج والتكيف مع لغة جديدة وذلك يستغرق وقتًا طويلاً، وقد يشعر المهاجرون بالعزلة والغربة. ولا ننسى التحديات الاقتصادية مثل البطالة وصعوبة العثور على سكن مناسب أو على خدمات طبية. ناهيك عن التمييز والعنصرية بحيث يتعرض غالبية المهاجرين لهذه الانواع في بلدان الهجرة مما يزيد من صعوبة الوضع . وبشكل عام، يمكن أن تكون الهجرة تجربة قاسية ومؤلمة للعديد من الأشخاص، وفي بعض الحالات يمكن أن تكون قد حققت فرصة لحياة أفضل ولتحقيق أحلام جديدة لبعض المهاجرين ، أما عن النازحين في لبنان والذين يعيشون في ظروف حياتية صعبة بل سيئة للغاية لولا تمويل الامم المتحدة لهم ، ولهؤلاء أقول أهتموا بهم في بلادهم فلا اخطار عليهم هناك بعد أن باتوا عبئاً في بلادنا بإعتراف كل مكونات المجتمع اللبناني .
نقولا أبو فيصل