كتب نقولا أبو فيصل “بين فائض القوة وفائض الضعف حبيتك بالصيف”!
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب “جزء 6
من المؤكد أن فائض القوة يؤدي إلى الطغيان والاستبداد حيث يستخدم الاشخاص نفوذهم بشكل مفرط لتحقيق أهدافهم من دون اعتبار لحقوق الآخرين أو للعدالة. كما يشير فائض القوة إلى الحالة التي يمتلك فيها شخص أو حزب أو دولة قدرة أو نفوذًا كبيرًا يفوق غيره لتحقيق أهدافه المشروعة وغير المشروعة ، وغالبًا ما يؤدي ذلك إلى استخدام القوة بشكل مفرط أو تعسفي. ويمكن أن يظهر فائض القوة في عدة مجالات، ففي السياسة يظهر عندما يحكم القائد أو الحزب الواحد البلاد بقوة وقمع مع انعدام الحريات المدنية أو عبر استخدام النفوذ السياسي والاقتصادي للتأثير على نتائج الانتخابات وضمان استمرار السلطة بيد فئة معينة ، وفي الاقتصاد يظهر عندما تسيطر شركة على سوق معين مما يمنع المنافسة ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتدني الجودة للمنتجات والخدمات.
في المقابل فإن فائض الضعف يمكن أن يؤدي إلى التبعية والخضوع، حيث يفقد المواطن أو المجتمع القدرة على الدفاع عن حقوقه أو تحقيق تطلعاته. وفي علم الاقتصاد فإن فائض الضعف يشير إلى الحالة التي يكون فيها العرض لسلعة أو خدمة ما أكبر بكثير من الطلب عليها في الاسواق . وهذا الوضع يمكن أن يحدث نتيجة انتاج كميات كبيرة من المنتجات أكثر مما يمكن للسوق استيعابه من قبل المصانع، أو عندما يقل الطلب على المنتجات بشكل كبير .
كما يمكن أن يؤدي الركود الاقتصادي إلى فائض في العرض نتيجة لانخفاض الاستهلاك. وينتح عن ذلك انخفاض في الأسعار ومنافسة بين المنتجين لبيع منتجاتهم ، يليها انخفاض في الأرباح وخروج الشركات الصغيرة والمتوسطة من الاسواق نتيجة عدم تحملها الخسائر.وهنا يتوجب على المصنعين تقليل الإنتاج والابتكار في اصناف جديدة والبحث عن أسواق جديدة كما نفعل حالياً في لبنان.
كما أن عدم ضبط فائض القوة ومراقبته، يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة على المواطنين من خلال تعزيز الحكم الرشيد، كما يتوجب تحقيق توازن يضمن العدالة والحرية للجميع. ويمكن أن يؤدي فائض القوة إلى تصاعد النزاعات الداخلية والخارجية حيث تسعى الأطراف المتضررة إلى مقاومة القمع والاستبداد. والتوازن بين القوة والضعف يتمثل في استخدام القوة بحكمة وعدل لتحقيق الأهداف المشروعة دون التعدي على حقوق الآخرين، كما يجب عدم ترك الضعف يقوض الثقة بالنفس أو القدرة على إتخاذ القرارات لتحقيق هذا التوازن، وبالتالي على المواطنين تعزيز قيم العدالة والتضامن فيما بينهم. وفي نفس السياق يتمنى كثيرون أن يمر صيف لبنان بخيرٍ بعيدًا عن المواجهات العسكرية المحتملة ، ومع الأمل بالوصول الى حلول سلمية تؤدي الى الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط الذي يعاني من توترات وصراعات عديدة ، والأمل في مرور هذا الصيف بسلام يتطلب جهودًا لتحقيق الاستقرار الداخلي وتعزيز التعاون بين مختلف الأطراف ، فالسلام والاستقرار هما الأساس لتحقيق التنمية والازدهار بعيدًا عن الصراعات.
نقولا أبو فيصل
