كتب نقولا أبو فيصل “بين صراع الأجيال…والتحولات الاجتماعية والاقتصادية”!
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب “جزء 6 والاخير
يحتاج المجتمع اللبناني إلى تعزيز الحوار بين الأجيال المتعاقبة وتشجيع التفاهم المتبادل بينها ، وعلى الرغم من تبني الحكومات المتعاقبة سياسات تهدف الى مواجهة التحديات وتعزيز التماسك الاجتماعي والحفاظ على الهوية اللبنانية في ظل التغيرات المتسارعة. فإن أجيال تنشأ وتترعرع في ظل ظروف إقتصادية، إجتماعية معقدة، مما يؤدي إلى الشعور بالاختلاف في المعتقدات والقيم ويخلق فجوة في التفاهم بين الأجيال ، كذلك فإن تقدم التكنولوجيا بسرعة كبيرة يجعل الأجيال الأكبر سناً تشعر أحياناً بصعوبة في مواكبة التطورات التي يتبناها الشباب بسرعة. كما أن أساليب التربية تغيرت كثيراً مع الوقت مما تسبب بنزاعات بين الأجيال حول كيفية العيش والحياة . أضف الى ذلك فإن التغيرات السريعة في الاقتصاد والسياسة يمكن أن تؤدي إلى فقدان الاستقرار الاجتماعي مما يجعل المجتمعات تشعر بالضياع وعدم الأمان.
ومع العولمة والانفتاح الثقافي تشعر بعض المجتمعات بأنها بدأت تفقد تقاليدها وهويتها الثقافية مما خلق لديها شعوراً بالضياع والانفصال ، وتزداد الفجوة بين الفقراء والأغنياء مما تؤدي إلى شعورٍ بالظلم لدى الفئات الأقل حظاً ويساهم في ضياع المجتمع . وفي السياق ذاته، فإن التفاعل بين صراع الأجيال وضياع المجتمعات يمكن أن يزيد من التوتر الاجتماعي، حيث يمكن أن يؤدي عدم التفاهم إلى نزاعات تزيد من خراب المجتمع ويصبح من الصعب الوصول إلى حلول مشتركة للمشاكل الاجتماعية، مما يفاقم حالة الضياع ، وإذا كانت الأجيال الشابة تشعر بأن المؤسسات القائمة مثل الحكومات لا تمثل مصالحها، فإن هذا قد يؤدي إلى فقدان الثقة العامة بالدولة مما يعمق الإحساس بضياع المجتمع.
“هذا الجيل مدلل ولا يصلح لشيء!” هذه العبارة ليست لأحد كبار السن في زماننا ، وإنما وجدت مكتوبة باللغة الهيروغلوفية على جدار معبد فرعوني . وهذا يظهر أن صراع الأجيال ليس أمراً مستحدثاً ، فمنذ قديم الزمان والجيل الأكبر يعتقد أن الجيل الأصغر مدلل ولا يصلح لشيء ، وفي المقابل يعتقد الجيل الأصغر أن الجيل الأكبر لا يصلح إلا لتوجيه النقد ، عموماً، فإن اعتقاد الجيلين ببعضهما صحيح! كل جيل يعتقد أنه أذكى من الجيل الذي سبقه ، ولا يمكن أن يَسلّم جيل من جيل، لأن كل جيل يتخذ من نفسه مقياساً للجودة ، فما وافقه كان جيداً وما خالفه كان سيئاً. وفي رأيي الشخصي فإننا امام جيل من المبدعين والعباقرة ، وعلى أمثال هؤلاء نعّول في بناء حضارة لبنانية عظيمة في المستقبل القريب وتذكروا هذا الكلام !
نقولا أبو فيصل