بقلم عارف مغامس.. مارون مخول شاعر الألوان والنغم الموله صانع مشهديات على إيقاع نبضه المنسوج من رهافة الحب
معرض مارون مخول الأوّل، حوّل من خلاله الرسام القصر البلدي في زحلة الى قصر من الفن الراقي، الذي تناغم مع موسيقى الألوان حيث لكل لون نكهة بطعم الحب، ولكل لوحة حب يتشرٌب مع اللون إكسير زحلة، بكل ما تحمله مدينة النور والإبداع والجمال والخمر المعتق من لوحات تمرأت خيالًا محلقا في مدارات تتشابك فيها الأصوات، لكأنك تسمع العشب يهمس في إذن زرقة السماء ” أكمل، اخلق” على حد تعبير الشاعر الكبير الراحل سعيد عقل، فالتقط مارون ريشته الناطقة بالألوان والاشكال والاضواء وأكمل مشروع سعيد عقل الإبداعي ليقول باللوحة كلمته في زحلة ومشهدياتها ومبدعيها الكبار.
يتاح لمن زار معرض الفنان التشكيلي والرسام المبدع مارون مخول أن يكتشف فضاء جديدا للألوان في تشابكها مع الأضواء والظلال والأفياء والأنوار التي تصيد العميق من الروح، قبل أن تصيد النظر بانخطافه الى لعبة الفن في أرقى تصويراته، وأبلغ تجلياته الابداعية، وأصفى تموضع للون في تموجات الضوء، حتى لكأن جاذبية اللوحة تماهي بين عالمها المرجعي المتشكل في بصر مارون مخول، وببن عالمها الفني المبتكر والمطبوع في بصيرته الرائية وخياله الإبتكاري المتجاوز لأشياء العالم والمتحاور معها من منظور انطباعي خاص.
لوحات مارون مخول سمفونيات موسيقية وهو الموسيقي المحترف الى جانب كونه رساما من مدرسة فنية تنتمي الى المدرسة الجمالية في بعدها الفني. فالرسام بطبعه موسيقي يعزف بقيثارة الريشة ونغم الرؤيا في تقاطعها مع الرؤية الفنية، والموسيقي بطبعه رسام يحترف صناعة النغم في لحظة العزف على أوتار العين وشرايين القلب. ومارون مخول شاعر الألوان والنغم الموله، صانع مشهديات على إيقاع نبضه المنسوج من رهافة الحب وعصارة العطر الخزين في قوارير حبره الوردي، وخالق لوحات مفتوحة على قراءات متعددة، ذاك أن زوايا الرؤية فيها فضاءات لا متناهية للغوص في أقاليمها البعيدة الغور، والتحليق في مداراتها المترامية الأبعاد.
يرسم مارون مخول اللوحة القصيدة بحس فني يجعلك تصغي الى اللوحة لتسمع من ثقافة اللون الثائر ما لم تخبرك إياه الكلمة، فيدخلك فضاء المتعة الفنية لتغوص بعيدا فيما وراء الاشكال والألوان والوجوه حتى لكأنك تتعرف للمرة الأولى على وجه سعيد عقل ووائل كفوري ونجوى كرم وعاصي الحلاني ونقولا الاسطا، وغيرها من اللوحات التي ادخلها مارون في مصهر ذاته المحبة لزحلة وفنانيها ووسمها ببصمة فريدة، حيث لا يمكن لأي بصمة ان تتكرر في ذلك العالم الفني.
مارون مخول الكاتب والشاعر في لغته النثرية وفي إبداعه الاستثنائي يناغم موسيقى الأعماق بشغف وحب للموسيقى، ويغامز بالريشة همس الطبيعة واصواتها الدافئة، يشاكس بالألوان ليستنطق ما هو غير مرئي، يعاكس المألوف أحيانا ليوجه بوصلة الريشة الى شواطىء مخيلة تقرأ الموج بأبجدية الرسم، وتبدل مدركات الحواس لتخلق الجمال.