التقاليد في الأرياف اللبنانية بين التمسك بها والقيود.. بقلم نقولا أبو فيصل

فكر فيها !

رغم التطور الذي شهده لبنان لا تزال بعض القرى اللبنانية تعيش تحت وطأة عادات وتقاليد ترسخت عبر الأجيال، حتى باتت تُعد قوانين غير مكتوبة تحدد سلوك الأفراد وتفرض عليهم قيوداً اجتماعية صارمة . وهذه التقاليد التي كانت في الماضي جزءاً من نسيج الحياة أصبحت اليوم في كثير من الأحيان عائقاً أمام حرية الناس وتطورهم .

ففي الأرياف اللبنانية ما زالت بعض العادات تحكم تصرفات الأفراد خاصة فيما يتعلق بالمرأة والزواج والعمل .

على سبيل المثال، لا تزال الفتاة التي تتأخر في الزواج يُنظر إليها بعين الريبة وكأن حياتها متوقفة على رجل يمنحها القبول الاجتماعي . أما الشاب الذي يقرر مغادرة قريته بحثاً عن فرص جديدة، فقد يواجه اتهامات بأنه تخلى عن أصله أو أصبح متكبراً . حتى في الحياة اليومية هناك أحكام مسبقة على كل شخص لا يلتزم بحضور المناسبات الاجتماعية، إذ يُعتبر غير مبالٍ من دون أي مراعاة لظروفه الصحية أو الاجتماعية أو لضرورات العمل والسفر . ومن يختر أسلوب حياة مختلفة يُتهم بالخروج عن التقاليد .

في ظل هذه البيئة، يصبح الانسان أسيراً لنظرة المجتمع حيث يُعدّ الخروج عن السرب مواجهةً مفتوحة للنقد، وربما التجريح غير المباشر أو المعاتبة . ومع ذلك استطاع بعض الشباب في هذه القرى كسر هذه الحواجز مستندين إلى وعي جديد يميز بين التقاليد التي تستحق الاحترام وتلك التي ينبغي تجاوزها .

فليست كل التقاليد بالية، لكن تلك التي تقيد الحريات وتحكم على الناس بعيون الماضي تحتاج إلى إعادة نظر، لأن الحياة لا تتوقف والمجتمعات تتغير، ومن لا يتغير معها يبقى أسير الماضي وإن كان حياً!
نقولا أبو فيصل كاتب وباحث وعضو اتّحاد الكتاب اللبنانيين
Nicolas Abou Fayssal