نقولا ابو فيصل ـ تحديات الصناعة في سوريا ولبنان ومصر: واقع متشابه وأسباب مختلفة
الحرة بيروت ـ بقلم: نقولا ابو فيصل، رئيس تجمّع الصناعيين في البقاع
وفق تصريحات كبار الصناعيين السوريين، تمرّ الصناعة السورية اليوم بأضعف حالاتها، حيث تعاني من ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف التمويل وانخفاض القدرة التنافسية. وتشمل المشكلات الأساسية: ارتفاع أسعار الكهرباء مقارنةً بالأسعار العالمية؛ غياب التمويل الفعّال حيث تصل فوائد القروض إلى 30%، مما يجعل الاستثمار الصناعي غير مجدٍ؛ ضعف القدرة الشرائية للمواطن في الأسواق السورية؛ تراجع التصدير خاصةً بعد دخول بضائع رخيصة وأقل جودة وبدون جمارك؛ وصولاً إلى تهالك خطوط الإنتاج في معظم المصانع السورية نتيجة غياب التحديث المستمر وافتقار أمان الاستثمار مما يضعف الثقة بالمستقبل الصناعي في سوريا.
وفي لبنان، يعاني القطاع الصناعي من تحديات حادّة تبدأ من أزمة الطاقة والكهرباء، حيث يضطر الصناعيون للاعتماد على المولدات الخاصة بكلفة وقود مرتفعة، رغم استثماراتهم الضخمة في الطاقة البديلة، غير أن الاستهلاك أكبر من الإنتاج. كما يواجهون الأزمة المالية والمصرفية التي أدت إلى تقييد سحب الودائع وغياب التمويل الصناعي، كما إلى ارتفاع تكلفة المواد الأولية والنقل بسبب التضخم والانهيار الاقتصادي وضعف الحوافز الحكومية للصناعة، إذ كان التركيز تاريخيًا على القطاعات التجارية والمصرفية بدل دعم الإنتاج. كذلك، تعاني الصناعة اللبنانية من منافسة البضائع المستوردة التي تدخل الأسواق بأسعار منخفضة نتيجة غياب الضوابط الجمركية الفعالة.
بالمقارنة مع سوريا ولبنان، تبدو الصناعة المصرية في وضع أفضل نسبيًا، رغم وجود عقبات رئيسية، ومنها: تقلبات سعر الصرف وتأثيره على تكلفة استيراد المواد الأولية؛ البيروقراطية وضعف الإجراءات الحكومية التي قد تعطل أحيانًا تراخيص المشروعات الصناعية؛ مشكلة الأراضي الصناعية حيث يواجه المستثمرون صعوبة في الحصول على أراضٍ بأسعار معقولة؛ منافسة البضائع المستوردة خاصةً من الصين وتركيا؛ أزمات الطاقة رغم أن الحكومة اتخذت خطوات لتحسين إمدادات الكهرباء للمصانع؛ ومنافسة الجيش المصري للصناعيين في إنتاج معظم السلع ودخوله الإنتاج في مختلف القطاعات.
لكن، هل من حلول للنهوض بالصناعة في هذه الدول؟ الجواب يكمن في الحاجة إلى إصلاحات مالية ومصرفية لدعم القروض الميسّرة للصناعيين؛ تحسين البنية التحتية خاصةً في قطاع الطاقة والكهرباء؛ تشجيع التصنيع المحلي عبر سياسات حمائية ذكية دون الإضرار بالتجارة؛ تحفيز التصدير بدعم وزيادة عدد الملحقين الاقتصاديين حول العالم وربط مرجعيتهم مع وزارة التجارة الخارجية وتوفير تسهيلات جمركية؛ وخلق بيئة استثمارية مستقرة لجذب رؤوس الأموال إلى القطاع الصناعي. ورغم الاختلاف في الظروف السياسية والاقتصادية، تواجه الصناعة في سوريا ولبنان ومصر تحديات متشابهة في التمويل والطاقة والمنافسة الخارجية. ورغم أن الحلول ممكنة لكنها تحتاج إلى استراتيجيات طويلة الأمد تتجاوز الحلول المؤقتة والوعود الكاذبة.
