كتب نقولا أبو فيصل “عهود موسومة بالعار”
فكر فيها !
عهود موسومة بالعار
منذ أكثر من ثلاثين عاماً، تتعاقب الوزارات في الجمهورية اللبنانية ، وكأنها وُجدت لا للنهوض بالقطاعات الانتاجية بل للتنكيل بها. وزارات بلا رؤية، بلا تخطيط، بلا إحساس بالمسؤولية. كل عهدٍ مرّ ترك وراءه رمادًا جديدًا فوق ما تبقّى من رمق الإنتاج. تركوا المصانع تختنق بالكهرباء، والقرارات الاعتباطية، والضرائب الجائرة، فيما الصناعيون يقاتلون بصمت كي لا تُطفأ آخر شعلة في معاملهم. هكذا صار الإبداع يُعاقَب، والعمل يُهمل، والالتزام يُعتبر ضعفًا في زمنٍ ساد فيه من لا يصنع شيئًا سوى الكلام.
لبنان، بلد الأربعة ملايين نسمة يصدّر ثلاثة مليارات دولار، فيما إقليم كتالونيا الذي يتمتع باستقلال ذاتي عن اسبانيا وعاصمته برشلونة ذات السبعة ملايين نسمة يُصدّر أكثر من سبعين مليار دولار سنويًا. الفارق ليس في العقول ولا في القدرات، بل في السياسات التي دفنت الحلم الصناعي في مقابر الإهمال، وفي وزاراتٍ لم تعرف معنى الشراكة مع من يصنع اقتصاد الوطن بيديه.نعم، إنها عهود موسومة بالعار، عهود خانت الأمانة وتنكّرت للصنّاع، فهجّروا الطاقات وأقفلوا المصانع، وبدّلوا الإنتاج بالاستيراد، والسيادة بالارتهان.
ومع ذلك، بقي الصناعي اللبناني صامدًا، يقاوم بكرامته وإيمانه، مؤمنًا أن بلده يستحق فرصة جديدة تُبنى على العمل لا على الوعود.لقد آن الأوان أن يُقال الحق بلا مواربة: كفى استخفافًا بعصب الاقتصاد، كفى تدميرًا لمستقبل الإنتاج. اليوم مع فخامة الرئيس جوزاف عون حان موعد الحساب… حساب من قتل الحلم، وأطفأ شعلة الصناعة، ومسح بكرامة العامل أرض اللامبالاة. وكلنا ثقة بقدرة الصناعيين اللبنانيين وعسى ان يكون الصعب قد مر …والخير قادم
نقولا أبو فيصل كاتب وباحث وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين
www.nicolasaboufayssal.com












