هل من تعقيدات اضافية على المشهد السياسي؟
لن تضع الاجازة الرسمية في عيد الاضحى التي دخلت البلاد عمليا في مدارها منذ نهاية الاسبوع الماضي حدا للاجازة السياسية التي تتمدد أسبوعا تلو الآخر في ضوء عاملين اثنين: أولهما عدم اتضاح مصير المشاورات الهادفة الى بلورة مخرج من شأنه تأمين توافق على تشكيل الحكومة الحريرية الثالثة، وثانيهما دخول تعقيدات اضافية على المشهد السياسي اعادت المناخ العام الى حقبة الانقسامات الحادة المرتبطة بالاملاءات الخارجية مباشرة، وهو ما عبرت عنه سلسلة محطات شهدتها الايام الاخيرة، كان ابرزها استقبال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله منذ يومين وفدا من حركة “انصار الله” اليمينة (الحوثيين) برئاسة الناطق الرسمي محمد عبد السلام، الذي استتبع بسؤال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجيّة أنور قرقاش “كيف تتّسق سياسة النأي بالنفس،التي يحتاجها لبنان لتوازنه السياسيّ والاقتصاديّ، وموقعه العربيّ والدوليّ مع استقبال حسن نصرالله لوفد من المتمرّدين الحوثيين؟ سؤال نتمنى من لبنان أن يتعامل معه.”
لكنّ السخونة السياسية لن تخرج عن ايقاع الاستقرار المفروض على لبنان كما اكدت مصادر سياسية مطلعة لـ”المركزية” مشيرة الى ان الجميع واعون لدقة المرحلة ولا تجاوز للخطوط الحمر تحت اي ظرف، مدرجة ما يجري من حملات تصعيد في اطار سياسة شدّ الحبال المعهودة ابان مراحل تشكيل الحكومات في لبنان.
لتضافر الجهود: وفي انتظار عودة المسؤولين من الخارج لا سيما الرئيس المكلف سعد الحريري الذي غادر امس لقضاء اجازة العيد مع عائلته، على ان يحدد موقفه من بعض المحطات السياسية المستجدة اثر العودة
وفي ظل التعثّر المتمادي “حكوميا”، برز موقف لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون رأى فيه ان الظروف التي تحيط بلبنان ودول المنطقة تفرض تضافر جهود الجميع لتمكين لبنان من مواجهة التحديات الماثلة وانجاز الاستحقاقات وابرزها تشكيل حكومة جديدة لاستكمال عملية البناء والنهوض بالبلاد لتكون على قدر تضحيات اللبنانيين وطموحاتهم، لاسيما الجيل الشاب منهم، وذلك خلال تهنئته بحلول عيد الأضحى، حيث دعا الى استلهام معاني العيد لتقديم مصلحة البلاد العليا على ما عداها من مصالح آنية او ذاتية.
أمل بالتشكيل: من جهته، أمل الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري في ان تتكلل الجهود والمساعي المبذولة لتشكيل حكومة جديدة بالنجاح في أقرب فرصة، تعبّر عن تطلعات اللبنانيين وتحقق أمانيهم بانطلاق عجلة الدولة والنهوض بالوطن نحو الأفضل. وتوجه الحريري بالتهاني إلى اللبنانيين عموما والعرب والمسلمين خصوصا بحلول عيد الأضح ، “سائلا الله أن يعيده على الجميع بالخير والأمن والأمان، وقد انحسرت غمامة الحروب والأزمات الحادة التي تشهدها العديد من الدول العربية الشقيقة”. وأعلن عن إعتذاره لعدم استقبال المهنئين لوجوده خارج لبنان.
التهرب من نتائج الانتخابات: وليس بعيدا من الشأن الحكومي، اعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ان “”القوات” استعادت في الانتخابات جزءاً من حقها، فيما جل ما يحاولون القيام به اليوم هو التهرب من نتائج الإنتخابات عبر تأليف الحكومة التي لا تتشكل بسبب ان البعض لا يريدونها ان تنبثق على اساس نتائج الإنتخابات النيابية”.
تمسك باتفاق معراب: في المقابل، شدد على “اننا لن نتخلى عن تفاهم معراب وسنعود إليه في كل مرة، فهو إتفاق من 4 صفحات في السياسة والصفحة الأخيرة فقط تتناول موضوع تشكيل الحكومة. فنحن قد اتفقنا على ان اي حكومة تتشكل من 30 وزيراً يكون للرئيس 3 وزراء فيها فيما البقية تنقسم على “التيار” وحلفائه من جهة و”القوات” وحلفائها من جهة اخرى. كما اتفقنا على ان يتم تشكيل لجنة نيابية مشتركة بعد الإنتخابات يتم عبرها تحديد سياسات العهد، لذلك نحن متمسكون بـ”تفاهم معراب” الذي لا يمكن ان يلغى إلا بإرادة طرفيه ومحاولة احدهما التملص منه لا يمكن اعتباره سوى إنقلاباً لأحد الفريقين على الإتفاق” وتابع “يضع البعض كل جهد ممكن من اجل تخفيض حصة “القوات” قدر الإمكان من اجل كبح جموح تقدمها الشعبي”، مؤكدا “اننا سنحصل على حصة وازنة في الحكومة وسيكون لنا إمكانية اكبر للتأثير في مجريات الأحداث رغم ان “تنين الشر” سيقاوم حتى آخر رمق وسيحاول منع الحملة التي نقوم بها من اجل تبييض صورة لبنان”.
باسيل في موسكو: وفي مقابل الجمود الداخلي، شهدت موسكو مباحثات معمّقة بين وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل ونظيره الروسي سيرغي لافروف، في شأن المبادرة الروسية لاعادة النازحين. وفي السياق، جدد باسيل التأكيد ان “موقف لبنان هو دعم العودة السريعة المتدرجة الآمنة المستدامة للنازحين السوريين من دون اي ربط بينها وبين بالحل السياسي”. وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع لافروف في موسكو عقب اجتماع بين الوفدين اللبناني والروسي “في آخر لقاء بيننا في تشرين الثاني 2017 تحدثنا عن مبادرة لفصل ملف النزوح عن الحل السياسي وهو ما ورد في بيان سوتشي يومها ولذلك نحن نؤيد المبادرة الروسية بالكامل”. واذ كشف “أننا طرحنا بعض الأفكار العملية لتشجيع النازحين على العودة وبحثنا العلاقات الثنائية وضرورة تعزيزها في كل المجالات خصوصاً الاقتصادية والعسكرية”، اشار باسيل “الى ان “تحدثنا مع لافروف عن فتح تواصل مباشر بين وزارتي الخارجية اللبنانية والروسية ومؤسسات البلدين لتحويل مبادرة العودة الى الناحية التنفيذية”، مشددا على ان “لبنان يجب ان يكون منصة لاعادة اعمار سوريا ومن هنا ضرورة اعداده لهذا الدور من خلال التعاون بين لبنان وروسيا”.
لافروف: أما لافروف، فأكد أن روسيا تدعو دائما لاحترام سيادة واستقلال لبنان وندعو اللبنانيين لايجاد الحلول الداخلية من خلال الحوار ومن دون تدخل خارجي. واذ اشار الى ان “لبنان لا يجب ان يكون رهينة لمشكلة النازحين”، أكد “اننا بحثنا مسائل متعلقة بفرص اعادتهم وكيفية تأمين العودة الآمنة والكريمة لهم”، موضحا ان “خلال الشهر الماضي فقط عاد اكثر من 7000 لاجئ سوري من لبنان ونحن جاهزون لمواصلة العمل على الملف”.
النزوح في بعبدا: في الموازاة، حضر الملف عينه في بعبدا حيث عرض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع سفير لبنان في سوريا سعد زخيا لمسألة النازحين السوريين في لبنان والعلاقات اللبنانية السورية.
أميركا وتركيا..: اقليميا، ووسط الكباش الاميركي – التركي المستعر، تعرّضت السفارة الأميركية في العاصمة التركية انقرة، لإطلاق نار، صباحاً من دون تسجيل إصابات إلى الآن. وذكرت “سي.إن.إن ترك” انه تم إطلاق رصاص من سيارة على السفارة الأميركية في انقرة، مما ادى إلى تحطيم نوافذ دون وقوع ضحايا. من جهته، أكد المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الهجوم على السفارة محاولة واضحة “لخلق فوضى”. وأشار المتحدث الى ان تركيا بلد آمن وكل البعثات الأجنبية في مأمن.
..وايران: أما على خط الاشتباك الايراني – الاميركي، فأعلن وزير النفط الإيراني بيجان نمدار زنقانه اليوم ان شركة النفط الفرنسية العملاقة “توتال” انسحبت رسميا من مشروع بمليارات الدولارات في إيران في اعقاب إعادة فرض العقوبات الأميركية على طهران. وقال زنقانه في تصريحات لوكالة الانباء الخاصة بوزارة النفط: “إن توتال انسحبت رسميا من اتفاق تطوير المرحلة 11 من حقل بارس الجنوبي. مضى أكثر من شهرين على إعلانها أنها ستنسحب من العقد”.
من جنيف الى موسكو وطهران: وسط هذه الاجواء، افادت مصادر دبلوماسية مطلعة “المركزية”ان مستشار الامن القومي للرئيس الاميركي جون بولتون سيجتمع في جنيف خلال الاسبوع الجاري مع رئيس مجلس الامن القومي الروسي نيكولا باتروشاف للبحث في تطورات الملف النووي وسبل انسحاب ايران من سوريا تنفيذا لمقررات قمة هلسنكي. وتوقعت في الموازاة زيارة لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير الى موسكو قريبا للبحث في دور طهران في المنطقة، واخرى تردد انها لمسؤول سوري رفيع الى ايران كنتيجة لما سيتم الاتفاق عليه بين المسؤولين الروسي والاميركي.
المركزية