بين “الاشتراكي” و”التيار”… هذه هي العقدة الحقيقية
لم يبلغ الرئيس المكلف سعد الحريري مبتغاه من تقديم “صيغة حكومية مبدئية” إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. بل إن هذه الصيغة لم تتأخر في تفجير سجال “تويتري” عنيف سارع البعض إلى إضفاء لون طائفي عليه من باب الاشتباك حول صلاحيات كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. ويبدو واضحا أن المستجدات الحكومية الأخيرة تجاوزت إلى حرب تناتش الحصص إلى ما يمكن اعتباره تحديد أحجام سياسية للمرحلة المقبلة، خصوصا إذا ما صحت التوقعات بأن تعمر الحكومة العتيدة حتى نهاية العهد، ولعل ابلغ دليل إلى ذلك تبقى العقدة الدرزية.
ذلك أن كما جميع الفرقاء، لم يخف الحزب التقدمي الاشتراكي رغبته في المشاركة في الحكومة العتيدة من باب نتائج الانتخابات التي لم تخرج عن قاعدة تكريس الزعامة الجنبلاطية شبه الوحيدة في دائرة الشوف- عاليه، المعقل التاريخي للحزب الاشتراكي، فكان أن أعلن ما يسميه حقه في حصة درزية ثلاثية كاملة في توليفة ثلاثينية يفترض أن يصل إليها الرئيس المكلف… ولو بعد حين.
غير أن الرد البرتقالي على هذه الرغبة لم يتأخر في بلوغ مسامع زعيم المختارة: من باب نتائج الانتخابات أيضا، يصر التيار الوطني الحر على ضم الخصم الأهم لجنبلاط، النائب طلال إرسلان إلى الفريق الوزاري الجديد، في ما يعد رسالة سياسية واضحة إلى جنبلاط. من جهته، يبدو رئيس الجمهورية مقاربا الأمور من منظار مختلف تماما. ذلك أنه يرفض الاحتكار الجنبلاطي للتمثيل الدرزي مخافة تعطيل محركات الحكومة، بسبب الميثاقية الدرزية، في موقف تلتقي عليه بعبدا مع التيار الوطني الحر.
وإذا كان من شأن هذا الموقف أن يساهم في تعقيد الأمور في وجه الرئيس سعد الحريري، بدليل الرد الرئاسي السلبي على الصيغة الحكومية الأحدث، فإن مصادر مراقبة تستعيد عبر “المركزية” تجربة التيار الوطني الحر الميثاقية في الحكومة السلامية، في المرحلة الأخيرة من مخاض الفراغ الرئاسي الطويل.
وفي هذا الاطار، تذكّر المصادر بأن التيار الوطني الحر علق مشاركته في جلسات الحكومة السلامية عام 2016 رفضا للتمديد لقائد الجيش آنذاك العماد جان قهوجي، واعتبر أن مجلس الوزراء منتقص الميثاقية بفعل غياب المكون المسيحي عنه، علما أن تيار المردة كان حاضرا في الحكومة بشخص الوزير السابق روني عريجي، والحصة الوزارية الثلاثية العائدة إلى الرئيس ميشال سليمان، إضافة إلى الوزير سجعان قزي الذي لم يخضع لقرار رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في الاستقالة من الحكومة احتجاجا على إدارة كارثة النفايات.
وفي السياق نفسه، تنبه المصادر إلى النتائج التي انتهت إليها الانتخابات في دائرة الشوف-عاليه كرست القيادة الجنبلاطية، ذلك أنها لم تخرج عن سياق الانتخابات السابقة من حيث فوز إرسلان وجنبلاط على السواء، خصوصا أن الاشتراكي لم يؤلف لائحة كاملة في الدائرة، لتأمين عودة إرسلان إلى مقعده النيابي، مذكرة بأنه يرأس كتلة نيابية تضم ثلاثة نواب عونيين.