من سينتصر في إدلب؟
فيما لم ينته اجتماع رعاة أستانة الثلاثة، روسيا وتركيا وايران، الاخير في طهران، الى أي اتفاق في شأن إدلب، بحيث عارضت أنقرة أي حسم عسكري للوضع في المحافظة الشمالية الحدودية، آخر معاقل المعارضة السورية، خلافا لموسكو وطهران اللتين أظهرتا ميلا الى هذا الخيار، التقى الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب اردوغان مجددا في سوتشي للبحث في المستجدات السورية.
وبحسب ما تقول مصادر دبلوماسية مطّلعة لـ”المركزية”، فإن القمة الثنائية ستخصص للبحث في ما آلت اليه المساعي التركية لتسوية وضع ادلب. فروسيا أمهلتها فرصة للتشاور مع الفصائل المعارضة المدعومة منها والموالية لها في المحافظة، ومحاولة التوصل معها الى اتفاق يتيح معالجة “سياسية” لوضعهم، على غرار الاتفاق الذي حصل في الجنوب السوري وجنّبه مواجهة عسكرية دامية. وسيستمع بوتين من إردوغان الى ما حققته الاتصالات التركية.
وفي وقت حظوظ الحسم العسكري والحل السياسي تبدو حتى اللحظة متساوية، أرسلت تركيا في الساعات الماضية تعزيزات عسكرية إلى أحد مراكز المراقبة التابعة لها في هذه المحافظة السورية، كما ذكرت وسائل إعلام تركية. وقالت صحيفة “حرييت” إن هذه التعزيزات التي تشمل خصوصا دبابات ومعدات عسكرية أخرى، هي الأكبر التي تُنقل إلى إدلب منذ مطلع أيلول. وأرسلت التعزيزات الأحد في “قافلة من نحو خمسين آلية” إلى مركز المراقبة التركي في جسر الشغور بجنوب غربي إدلب.
والواقع ان تركيا لا تكتفي فقط بالحشد العسكري لمحاولة ردع شريكتيها المفترضتين في أستانة من شن الهجوم على ادلب، بل تعمل في المقابل على تحذير الاطراف الدوليين كلّهم من أن أي مواجهة قد تتسبب بكارثة انسانية على الساحة العالمية، ذلك ان موجات النزوح من المحافظة ستتضاعف الى تركيا ومنها الى سواحل اوروبا، وعينها على شحذ همم هذه الدول كلّها للوقوف في وجه مخططات روسيا وايران والنظام السوري.
وفي انتظار ما ستفضي اليه مشاورات بوتين – اردوغان، الذي أكد من سوتشي قبيل انطلاق القمة ان “البيان المشترك الذي سيصدر بعد لقاء بوتين بشأن سوريا اليوم سيمنح أملاً جديداً للمنطقة”، تقول المصادر ان روسيا قد لا تكون متمسكة بالخيار العسكري، وما يهمّها هو تسوية الوضع في إدلب ووضع حدّ لنفوذ وسيطرة الفصائل المتطرّفة على المحافظة، غير ان ايران، تتمسك بالمواجهة العسكرية.
لماذا؟ لأنها تسعى الى ان تكون المعركة المنتظرة والتي ستنخرط فيها عبر حزب الله والحرس الثوري الايراني، الى جانب قوات النظام السوري، مقدّمة لها لتثبيت دورها في المعادلة السورية. و”الجمهورية الاسلامية” تتطلّع الى ان تتمكن في المرحلة المقبلة من استثمار الانتصار الجديد الذي ساعدت في تحقيقه، في سوق المفاوضات التي ستنطلق لتسوية النزاع السوري، فتفرد لنفسها مكانا فيها، خاصة انه، وحتى الساعة، يرفض الأميركيون والعرب اي دور او وجود لايران في سوريا ويطالبون بانسحاب قواتها من البلاد ويتصدّون لاي حصّة لها في الحل المنتظر للصراع، كما ان موسكو بدورها، تبدو رافضة لاي دور ايراني في سوريا، أكان عسكريا او سياسيا، بدليل ما جرى في جنوب سوريا وغضها الطرف عن الضربات الاسرائيلية المتوالية لاهداف ايرانية في سوريا… فهل ينتصر حلف بوتين – إردوغان على حلف بوتين والرئيس الايراني حسن روحاني؟ إدلب ستحمل الجواب، تختم المصادر.
“المركزية”