القلوب السياسية “المليانة” تصيب المطار
اذا كانت زحمة قوافل المسافرين في مطار رفيق الحريري الدولي اعتيادية ومألوفة خلال اشهر الذروة في فصل الصيف حيث تغص بهم قاعات المغادرة والوصول في مؤشر سياحي ايجابي، ولو انه في مفهومه التقني بالغ السلبية نتيجة ما يتعرض له هؤلاء من ضغط وذل بفعل الانتظار الطويل والتدافع، فإن غير المألوف ولا المنطقي ان يتحول المرفق الجوي الوحيد ومعبر لبنان الى العالم الى ساحة لتصفية الحسابات السياسية والصراعات الدائرة على الحلبة الحكومية.
ذلك ان مصادر سياسية تراقب ما يدور في المطار منذ أشهر تقول لـ”المركزية” ان الاشكاليات الطارئة المتوالية فصولا، في سابقة لم يشهد لها مثيلا منذ انشائه، ليست منفصلة عن الصراع السياسي الحكومي، ومرتبطة تحديدا بوزارة الاشغال التي يقع المطار من ضمن صلاحياتها. وتسأل هل يعقل ان تطرأ كل هذه المشاكل دفعة واحدة بدءا من التصويب بقوة على الازدحام الخانق في قاعات المطار ورفع الصوت وتوجيه الاتهامات للوزير المعني بالتقصير وعدم اتخاذ ما يلزم من اجراءات لتخفيف الوطأة على المسافرين، وبعدها
تعطّل جهاز نظام الاتصالات ما ادى الى تَوقُّف تفتيش الركاب المغادرين وتعطل حركة المسافرين واحداث بلبلة وصلت اصداؤها الى العالم اجمع، لترسو في نتيجتها المسؤولية على شركة ” sita” المشغلة لهذا النظام وسط معلومات متضاربة في هذا الشأن وتسريبات عن صفقات في ابرام العقود مع الشركات المشغلة لبعض الانظمة في المطار، علما ان الشركة المشار اليها تعمل في اهم مطارات الدول، وحتى الساعة لم يصدر جديد يميط اللثام عن حقيقة ما جرى. ويوم الاحد الماضي قامت الدنيا ولم تقعد على خلفية تأخير رحلة كانت متجهة الى مصر خمس ساعات بسبب سفر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوفد المرافق الى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار انه طُلب من المعنيين ملء خزان وقود الطائرة الرئاسية الثانية التي تخصص عادة للتمويه بالكمية اللازمة من الفيول تقدر بـ60 طنا تكفي للوصول مباشرة الى الولايات المتحدة الاميركية، خلافا للعادة اذ ان الطائرة المشار اليها، كما تفيد المصادر لا تملأ بالفيول عادة، وحينما اقلعت الطائرة الى نيويورك اضطر الطاقم التقني لافراغها التزاما بأصول الطيران الى مصر قبل توجهها اليها، كما كان مخططا لها ما استلزم خمس ساعات، ادت الى تأخير الرحلة.
اما الفضيحة التي عكست عمق الخلافات فتمثلت امس في صراع الاجهزة الامنية المولجة حماية وتفتيش المسافرين، في خلاف على الصلاحيات بين رئيس جهاز امن المطار وقائد سرية المطار التابعين لجهتين سياسيتين انفجر في وجه من قُدر له ان يغادر البلاد في تلك اللحظات حيث توقفت عملية التفتيش وتوقف معها سفر هؤلاء لبعض الوقت قبل ان يستدرك اهل السياسة فظاعة ما يقترفون وتعود الامور الى طبيعتها، على امل الا يُسجل جديد على هذا الخط في ما تبقى من فترة زمنية تفصل عن تشكيل الحكومة. وترى المصادر ان القلوب السياسية المليانة هي حتما خلف ما يصيب المطار من شظايا، سائلة هل “يحرز” التناتش على حقيبة وزارية ان تشوّه سمعة الوطن امام دول العالم قاطبة، اكثر مما هي مشوّهة بالنفايات والسمسرات والصفقات والفساد؟