عتب دولي على بيروت… والسبب؟
في وقت كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يلقي كلمة لبنان امام الجمعية العامة للأمم المتحدة عصر امس، كان مجلس النواب الأميركي يصوّت على مشروع قانون يفرض عقوبات اضافية على “حزب الله”، أشد قسوة ووطأة، من تلك التي فرضها القانون في نسخته الاولى الصادر عام 2014، ليتزامن مع حزمة عقوبات جديدة ضد إيران تدخل حيز التنفيذ في 15 تشرين الثاني المقبل. ويعطي المشروع الجديد ضد الحزب، الرئيسَ الأميركي صلاحية رفع حظر إعطاء تأشيرات الدخول شرط أن يبلّغ الكونغرس عن قراره في فترة لا تتجاوز الستة أشهر، وعلى أن يقدّم أدلة للكونغرس تشير إلى أنّ قراره يَصب في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة. ويفرض المشروع أيضاً عقوبات على داعمي “بيت المال، جهاد البناء، مجموعة دعم المقاومة، قسم العلاقات الخارجية للحزب، قسم الأمن الخارجي للحزب، تلفزيون المنار، اذاعة النور، المجموعة الإعلامية اللبنانية”.
قد يكون تزامن الحدثين صدفة، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”. الا انه يمكن ان يكون ايضا رسالة أو أقلّه، قد يشكل دليلا الى “عتب” اميركي – غربي – عربي على أداء لبنان الرسمي، خصوصا اذا ما أضيف الى إحجام الرئيس الاميركي عن ذكر لبنان في خطابه في نيويورك خلال تعداده الدول المضيفة للاجئين السوريين، والى غياب اي لقاء بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ونظرائه الفرنسي والخليجيين، والى عدم التئام مجموعة الدعم الدولي للبنان التي دأبت على الاجتماع على هامش الجمعية العامة في أيلول من كل عام منذ إنشائها في الـ2014.
هذا “الحرد” الخارجي تجاه بيروت، لم يأت من عدم، تضيف المصادر، بل له مبررات عدة. فمسؤولوها تعهّدوا بالكثير للمجتمع الدولي ولم يلتزموا، رغم مرور أشهر على وعودهم، بما أعلنوه. هم قالوا ان لبنان سيباشر البحث في استراتيجية دفاعية غداة الانتخابات النيابية، تفضي الى وضع السلاح كلّه في يد الدولة وتحت إمرة الاجهزة الشرعية اللبنانية فقط، الا ان ذلك لم يحصل بعد. وعدوا ايضا بالتزام سياسة النأي بالنفس، الا انها خُرقت وصوب أطراف محليون كثر على الدول الخليجية ويدفعون نحو التطبيع مع النظام السوري. أما القرار 1701 الذي التزم لبنان تطبيقه مع القرارات الدولية كلّها، فأيضا ضرب عرض الحائط مع اعلان حزب الله امتلاكه صواريخ بالآلاف قادرة على ضرب اسرائيل.
ولا تقف السبحة هنا، بل ان الدولة اللبنانية أكدت ايضا انها ستباشر في اتخاذ سلسلة خطوات اصلاحية طلبها العالم لتحويل مساعدات “سيدر” اليها، غير ان اي حكومة لم تتألف حتى الساعة لتباشر المسار الاصلاحي المرجوّ.
لكن الفرصة لا تزال سانحة لقلب هذا المسار الانحداري واعادة لبنان الى مكانته المعهودة على الساحة العالمية، تقول المصادر. هذه الانعطافة تبدأ بخطوة تتمثل في وقف المناكفات السياسية وتشكيل حكومة. وبحسب المصادر، فإن ثمة بوادر ايجابية تلوح في الافق تؤشر الى امكانية إخراجها من عنق الزجاجة في الايام القليلة المقبلة، منها الليونة الجنبلاطية المستجدة والتبريد بين حزب الله والرئيس المكلف سعد الحريري، وزيارة رئيس القوات سمير جعجع الى بيت الوسط اليوم… فهل يتصاعد الدخان الابيض قريبا، إنقاذا للبنان ومواطنيه واقتصاده ومكانته الدولية؟